حكم البناء على القبر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد ،
قال الفقهاء: نـهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُـبنـى على القبر، رواه مسلم وغيره، فإن كان القبر في الجبانة العامة حرم البناء عليه وهدم، لأنه يضيق على الناس، وأما إن كان في أرض خاصة فالبناء عليه مكروه ولا يـحرم. ولا يهدم عليه.اهـ
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما البناء عليه (على القبر)، فإن كان في ملك الباني فمكروه، وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام، نص عليه الشافعي والأصحاب.اهـ
وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا رحمهم الله ولا فرق في البناء بين أن يبنى قبة أو بيتا أو غيرهما ثم ينظر، فإن كانت مقبرة مسبلة حرم عليه ذلك، قال أصحابنا ويهدم هذا البناء بلا خلاف، قال الشافعي في الأم ورأيت من الولاة من يهدم ما بني فيها قال ولم أر الفقهاء يعيبون عليه ذلك، ولأن في ذلك تضييقا على الناس، قال أصحابنا وإن كان القبر في ملكه جاز بناء ما شاء مع الكراهة ولا يهدم عليه. اهـ
قال الفقيه ابن حجر الـهيتمي في تحفة الـمحتاج في شرح الـمنهاج: (ويكره تجصيص القبر) أي تبييضه بالجص وهو الجبس وقيل الجير والمراد هنا هما أو أحدهما لا تطيينه ( والبناء ) عليه في حريـمه وخارجه، نعم إن خشي نبش أو حفر سبع أو هدم سيل لم يكره البناء والتجصيص.اهـ ثم ذكر حرمة البناء في المقبرة المسبلة. اهـ
وقال ملا علي القاري في المرقاة: والنهي في البناء للكراهة إن كان في ملكه وللحرمة في المقبرة المسبلة. اهـ
قال شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، في تعريف المقبرة المسبلة: قال في المهمات: بأن جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها وإن لم تكن موقوفة ومثله بالأولى الموقوفة.اهـ
معنى حديث سيدنا علي أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه على أن لا يدع قبرا مشرفا إلا سواه
أخرج مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته. ولا قبرا مشرفا إلا سويته.اهـ
وأمره صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه بأن يهدم القبور المشرفة أي المطولة العالية، يـحمل على كون البناء على القبر في مقبرة مسبلة أي مشتركة في الدفن، أو على ما كان من عمل الجاهلية.
والمراد بالتسوية التسطيح، قال النووي في المجموع: فإن قيل: هذا الذي ذكرتـموه مخالف لحديث على رضى الله عنه قال ” أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته “، (فالجواب) ما أجاب به أصحابنا قالوا لم يرد التسوية بالأرض وإنـما أراد تسطيحه جمعا بين الأحاديث. اهـ
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: (ولا قبرا مشرفا إلا سويته)، فيه أن السنة أن القبر لا يرفع على الأرض رفعا كثيرا، ولا يسنم، بل يرفع نحو شبر ويسطح، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه، ونقل القاضي عياض عن أكثر العلماء أن الأفضل عندهم تسنيمها وهو مذهب مالك.اهـ
وقال ابن الهمام في فتح القدير: هذا الحديث محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء العالي وليس مرادنا ذلك بتسنيم القبر بل بقدر ما يبدو من الأرض ويتميز عنها”.اهـ
وقال القاضي زكريا الأنصاري في أسنى المطالب، بعدما بين أفضلية التسطيح: ولا يخالف ذلك قول علي رضي الله عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته.اهـ لأنه لم يرد تسويته بالأرض. وإنما أراد تسطيحه، جمعا بين الأخبار، نقله في المجموع عن الأصحاب. اهـ
وقال الزيلعي في نصب الراية لأحاديث الهداية: قال ابن الجوزي رحمه الله في “التحقيق”: وهذا محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء الحسن العالي.اهـ
https://www.islam.ms/ar/?p=280