تفسير سورة البقرة آية 131 - 132 - 133
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
من تفسير الإمام النسفي (ت 710 هـ) مدارك التنزيل وحقائق التأويل:
{ إِذْ قَالَ } كَأَنَّهُ قِيلَ: اذْكُرْ ذَلكَ الوَقتَ لِتَعْلَمَ أنّهُ المصطَفَى الصّالحُ الذي لا يُرغَبُ عن مِلَّةِ مِثْلِهِ.
{ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } أَذْعِنْ أو أَطِعْ أو أَخْلِصْ دِيْنَكَ للهِ
{ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَـالَمِينَ } [البقرة : 131] أيْ أَخْلَصْتُ، أو انْقَدْتُ.
{ وَوَصَّى بِهَآ } بالْمِلَّةِ أو بالكَلِمَةِ وهيَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ
{ إِبْرَاهِيمُ بَنِيْهِ وَيَعْقُوبُ } هوَ مَعطُوفٌ على إبراهيمَ دَاخِلٌ في حُكْمِهِ، والمعنى وَوَصَّى بها يَعقُوبُ بَنِيْهِ أَيضًا
{ يَا بَنِيّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } أي أعطَاكُمُ الدِّينَ الذي هوَ صَفْوَةُ الأَدْيَانِ وهوَ دِينُ الإسلام ووَفَّقَكُم للأَخْذِ بهِ
{ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [البقرة : 132] فلا يَكُن مَوتُكُم إلا على حَالِ كَونِكُم ثَابِتِينَ على الإسلَامِ ،
{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ } أم مُنقَطِعَةٌ ومَعنى الهمزَةِ فِيهَا الإنكَارُ.
والشُّهَدَاءُ جَمْعُ شَهِيدٍ بمعنَى الحَاضِر، أي مَا كُنتُم حَاضِرِينَ يَعقُوبَ علَيهِ السّلامُ إذْ حَضرَه الموتُ أيْ حِينَ احْتُضِرَ، والخِطَابُ للمُؤمنِينَ بمعنى مَا شَهِدتُم ذلكَ وإنّما حَصَلَ لَكُمُ العِلْمُ بهِ مِنْ طَرِيقِ الوَحْيِ.
أو مُتَّصِلَةٌ ويُقَدَّرُ قَبْلَهَا مَحذُوفٌ والخِطَابُ لِليَهُودِ لأنَّهم كَانُوا يَقُولُونَ مَا مَاتَ نَبيٌّ إلا على اليَهُوديَّةِ كأَنَّهُ قِيلَ: أتَدَّعُونَ على الأنبيَاءِ اليَهُودِيَّةَ أم كُنتُم شُهَداءَ إذْ حَضَرَ يَعقُوبَ الْمَوتُ
{إِذْ قَالَ} ظَرفٌ لـ حَضَرَ
{لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ} مَا استِفهَامٌ في محَلِّ النَّصْبِ بـ تَعبُدُونَ، أيْ أيَّ شَيءٍ تَعبُدُونَ؟ و" ما " عَامٌّ في كُلِّ شَيءٍ، أو هوَ سُؤالٌ عن صِفَةِ الْمَعبُودِ كَمَا تَقُولُ " مَا زَيدٌ " تُرِيدُ أَفَقِيهٌ أمْ طَبِيبٌ.
{مِن بَعْدِي} مِنْ بَعدِ مَوتي.
{قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ ءَابَآئِكَ} أُعِيدَ ذِكْرُ الإلَهِ لِئَلَّا يُعطَفَ على الضَّمِيرِ الْمَجرُورِ بدُونِ إعَادَةِ الجَارّ.
{إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} عَطفُ بيَانٍ لآبَائِكَ، وجَعَلَ إسمَاعِيلَ مِن جُملَةِ آبَائِهِ وهوَ عَمُّه لأنَّ العَمَّ أَبٌ، قَالَ علَيهِ السَّلَامُ في العَبّاسِ "هَذا بَقِيَّةُ آبَائِي" رواه ابنُ أبي شَيْبَةَ والطَّبَرانيّ.
{إِلَهًا وَاحِدًا} بدَلٌ مِن إلَهِ آبائِكَ ،أو نَصبٌ على الاخْتِصَاصِ، أي نُرِيدُ بإلهِ آبائِكَ إلهًا واحِدًا.
{وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133]
https://www.islam.ms/ar/?p=532