تفسير سورة البقرة من آية 107 إلى 110
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
من تفسير الإمام النسفي (ت 710 هـ) مدارك التنزيل وحقائق التأويل:
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالأرْضِ} فهوَ يَملِكُ أُمُورَكُم ويُدَبّرُها وهوَ أَعلَمُ بِما يتَعَبَّدُكُم بهِ مِن نَاسِخٍ أو مَنسُوخٍ.
{وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ} يَلِيْ أَمْرَكُم
{وَلا نَصِيرٍ} [البقرة : 107] نَاصِرٍ يَمنَعُكُم مِنَ العَذَاب
{أَمْ تُرِيدُونَ} أم مُنقَطِعَةٌ وتَقدِيرُه بَل أَتُرِيدُون
{أَن تَسْـألُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُـئِلَ مُوسَى} رُوِيَ أنّ قُرَيشًا قَالُوا : يا محَمَّدُ اجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا ووَسِّعْ لَنَا أَرضَ مَكّةَ، فَنُهُوا أنْ يَقتَرِحُوا علَيهِ الآياتِ كَما اقتَرَح قَومُ مُوسَى علَيهِ حِينَ قَالُوا اجْعَلْ لَنَا إلهًا.
{وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالايمَـانِ} ومَن تَرَكَ الثّقةَ بالآياتِ المنَزّلَةِ وَشَكَّ فِيهَا واقْتَرَحَ غَيرَهَا.
{فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ} [البقرة : 108] قَصْدَهُ ووَسَطَهُ.
{وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم} أنْ يَرُدُّوكُم
{مِّن بَعْدِ إِيمَـانِكُمْ كُفَّارًا} حال من "كم" أيْ يَرُدُّونَكُم عَن دِينِكُم كَافِرِينَ ، نَزَلَت حِينَ قَالَتِ اليَهُودُ لِلمُسلِمِينَ بَعدَ وَاقِعَةِ أُحُدٍ : أَلَمْ تَرَوا إلى مَا أَصَابَكُم ولَو كُنتُم على الحَقِّ لَمَا هُزِمتُم فَارجِعُوا إلى دِينِنَا فَهوَ خَيرٌ لَكُم.
{حَسَدًا} مفعول له أي لأجْلِ الحَسَدِ وهوَ الأَسَفُ على الخَيرِ عِندَ الغَيرِ.
{مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِم} يتعلق بـ "ودّ" أيْ وَدُّوا مِن عِندِ أَنفُسِهِم ومِن قِبَلِ شَهْوَتِهم لا مِن قِبَلِ التَّدَيُّنِ والْمَيلِ معَ الحَقِّ لأنَّهم وَدُّوا ذَلكَ
{مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} أيْ مِن بَعدِ عِلمِهِم بأَنّكُم على الحَقّ ، أو بحَسَدًا أيْ حَسَدًا مُتَبَالِغًا مُنبَعِثًا مِن أَصْلِ نُفُوسِهِم.
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} فَاسْلُكُوا بِهم سَبِيلَ العَفْوِ والصَّفْحِ عَمّا يَكُونُ مِنهُم مِنَ الجَهْلِ والعَدَاوَةِ
{حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} بالقِتَالِ
{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة : 109] فَهوَ يَقدِرُ علَى الانتِقَامِ مِنهُم.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ} مِن حَسَنَةٍ صَلاةٍ أو صَدَقَةٍ أو غَيرِهما.
{تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ} تَجِدُوا ثَوابَهُ عِندَهُ
{إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة : 110] فَلا يَضِيعُ عِندَهُ عَمَلُ عَامِلٍ.
https://www.islam.ms/ar/?p=524