الآجروميّة المبتدأ والخبر
بسم الله الرحمن الرحيم
الْمُبْتَدأُ هُوَ الاسْمُ الْمَرْفُوعُ الْعَارِي عَنْ الْعَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ. وَالْخَبَرُ هُوَ الاسْمُ الْمَرْفُوعُ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ نَحْوَ قَوْلِكَ: زَيْدٌ قَائِمٌ وَالزَّيْدَانِ قَائِمَانِ وَالزَّيْدُون قَائِمُونَ. وَالْمُبْتَدَأُ قِسْمَانِ: ظَاهِرٌ وَمُضْمَرٌ. فَالظَّاهِرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَالْمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ وَهِى: أَنَا وَنَحْنُ وَأَنْتَ وَأَنْتِ وَأَنْتُمَا وَأَنْتُمْ وَأَنْتُنَّ وَهُوَ وَهِىَ وَهُمَا وَهُمْ وَهُنَّ نَحْوَ قَوْلِكَ: أَنَا قَائِمٌ وَنَحْنُ قَائِمُونَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَالْخَبَرُ قِسْمَانِ: مُفْرَدٌ وَغَيْرُ مُفْرَدٍ. فَالْمُفْرَدُ نَحْوَ: زَيْدٌ قَائِمٌ وَالزَّيدَانِ قَاِئَمانِ وَالزَّيْدُون قَائِمُون. وَغَيْرِ الْمُفْرَدِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ، وَالظَّرْفُ وَالفِعْلُ مَعَ فَاعِلِهِ، وَالمُبْتَدَأُ مَعَ خَبَرِهِ، نَحْوَ: زَيْدٌ فِي الدَّارِ وَزَيْدٌ عِنْدَكَ وَزَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ وَزَيْدٌ جَارِيَتُهُ ذَاهِبَةٌ.
باب المبتدأ والخبر (المبتدأ هو الاسم المرفوع العاري عن العوامل اللفظية) يعني أن المبتدأ هو الاسم المرفوع العاري أي المجرد عن العوامل اللفظية، فخرج بالاسم الفعل والحرف باعتبار معناهما، فكل واحد منها لا يقع مبتدأ، وخرج بالمرفوع المنصوب والمجرور بغير حرف زائد فكل منهما لا يقع مبتدأ، وخرج بقوله العاري عن العوامل اللفظية ما اقترن به عامل لفظي كالفاعل ونائب الفاعل فلا يسمى كل منهما مبتدأ. (والخبر هو الاسم المرفوع المسند إليه) يعني أن الخبر هو الاسم المرفوع المسند إلى المبتدأ. (نحو قولك: زيدٌ قائمٌ) هذا تمثيل للمبتدأ والخبر المفردين، فزيدٌ اسم مرفوع مجرد عن العوامل اللفظية فهو مبتدأ، ورافعه الابتداء، وهو عامل معنوي لا لفظي، وقائمٌ اسم مرفوع مسند إلى المبتدأ فهو خبر عنه مرفوع، ورافعه المبتدأ. (والزيدان قائمان) وهذا مثال للمبتدأ والخبر المثنيين، فالزيدان مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، وقائمان خبر المبتدأ مرفوع به وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى. (والزيدون قائمون) وهذا مثال للمبتدأ والخبر المجمُوعَيْن جمع مذكر سالماً، فالزيدون مبتدأ مرفوع بالواو، وقائمون خبره كذلك مرفوع بالواو لأن كلاً منهما جمع مذكر سالم.
(والمبتدأ قسمان: ظاهر ومضمر:) كما تقدم أن الفاعل ظاهر ومضر. (فالظاهر ما تقدم ذكره) يعني من قوله: (زيدٌ قائمٌ والزيدان قائمان والزيدون قائمون). والظاهر هو ما دل لفظه على مسماه بلا قرينة نحو: زيدٌ، فإنه يدل على الذات الموضوع لها بلا قرينة، والمضمر ما دلّ على متكلم أو مخاطب أو غائب بقرينة التكلم أو الخطاب أو الغَيْبَة نحو: أنا وأنت وهو، وهو ينقسم إلى: متصل ومنفصل، فالمتصل هو ما يجب اتصاله بعامله ولا يقع بعد إلا في الاختيار، وتقدمت أمثلته في باب الفاعل في قوله ضربتُ وضربنا إلى ءاخر ما تقدم ؛ والمنفصل ما يبتدأ به ويقع بعد إلا في الاختيار ، وهو ما أشار إليه بقوله: (والمضمر اثنا عشر وهي: أنا) الدال على المتكلم في نحو قولك: أنا قائمٌ، فأنا ضمير رفع منفصل مبتدأ مبني على السكون في محل رفع، وقائم خبره مرفوع بالضمة الظاهرة. (ونحن) الدال على المتكلم ومعه غيره أو المعظم نفسه في نحو قولك: نحن قائمون، فنحن ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ، وقائمون خبره مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. (وأنتَ) -بفتح التاء- الدّال على المخاطب في نحو قولك: أنت قائمٌ، فأن ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والتاء حرف خطاب، وقائم خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. (وأنتِ) -بكسر التاء- للمخاطبة المؤنثة نحو قولك: أنتِ قائمةٌ، فأن ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والتاء حرف خطاب، وقائمة خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. (وأنتما) للمثنى سواء كان ذكراً أو مؤنثاً في نحو قولك: أنتما قائمان، فأن ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والتاء حرف خطاب، والميم حرف عماد، والألف حرف دال على التثنية، وقائمان خبر المبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى. (وأنتم) لجمع الذكور المخاطبين في نحو قولك: أنتم قائمون، فأن ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والتاء حرف خطاب، والميم علامة الجمع، وقائمون خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم، (وأنتن) لجمع الإناث المخاطبات في قولك: أنتن قائماتٌ، فأن ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والتاء حرف خطاب، والنون علامة جمع النسوة، وقائماتٌ خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة (وهو) للمفرد الغائب في نحو قولك: هو قائمٌ، فهو ضمير رفع منفصل مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع، وقائم خبره مرفوع بالضمة الظاهرة. (وهي) للمفردة الغائبة في نحو قولك: هي قائمةٌ، فهي ضمير رفع منفصل مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع، وقائمة خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. (وهما) للمثنى الغائب سواء كان مذكراً أو مؤنثاً في نحو قولك هما قائمان، فهما ضمير رفع منفصل مبتدأ مبني على السكون في محل رفع، وقائمان خبره مرفوع بالألف لأن مثنى. (وهم) لجمع الذكور الغائبين في نحو قولك: هم قائمون، فهم ضمير رفع منفصل مبتدأ مبني على السكون في محل رفع، وقائمون خبره مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. (وهن) لجمع الإناث الغائبات في نحو قولك: هن قائمات، فهن ضمير رفع منفصل مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع، وقائمات خبره مرفوع بالضمة الظاهرة.
ثم إن المنصف رحمه الله تعالى مثل لوقوع بعضها مبتدأ بقوله: (نحو قولك: أنا قائم ونحن قائمون) وتقدم إعراب المثالين. (وما أشبه ذلك) من الأمثلة السابقة. (والخبر قسمان: مفرد وغير مفرد) والمراد بالمفرد هنا ما ليس جملة ولا شبهها، ولو كان مثنى أو مجموعاً ؛ والمراد بغير المفرد الجملة أو شبهها، والجملة الكلام المركب من فعل وفاعل نحو: قام زيدٌ أو من مبتدأ وخبر نحو: زيدٌ قائم، والمركب من فعل وفاعل يسمى جملة فعلية، والمركب من مبتدأ وخبر يسمى جملة إسمية، وشبه الجملة الظرف والجارّ والمجرور كما سيذكره. (فالمفرد نحو: زيدٌ قائمٌ) فزيدٌ مبتدأ وقائم خبره. (والزيدان قائمان) فالزيدان مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى، وقائمان خبره مرفوع بالألف أيضاً لأنه مثنى. (والزيدون قائمون) فالزيدون مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم، وقائمون خبره مرفوع أيضاً بالواو لأنه جمع مذكر سالم. فالخبر في هذه الأمثلة مفرد لأنه ليس جملة ولا شبهها. (وغير المفرد أربعة أشياء) لأن شبه الجملة شيئان الظرف والجار والمجرور، والجملة شيئان الجملة الإسمية والجملة الفعلية، وقد أشار إلى بيان ذلك بقوله (الجار والمجرور والظرف) فكل منهما يسمى شبه الجملة. (والفعل مع فاعله والمبتدأ مع خبره) فكل منهما يسمى جملة. (نحو قولك: زيدٌ في الدار) هذا مثال للخبر إذا كان جارّاً ومجروراً وإعرابه: زيدٌ مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وفي الدار جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره كائن أو استقر. (وزيدٌ عندك) هذا مثال للخبر إذا كان ظرفاً، وإعرابه زيدٌ مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وعند ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والتقدير كائن أو استقر عندك، وعند مضاف والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر ؛ وفي الحقيقة الخبر هو المتعلق المحذوف. وإنما كان الجار والمجرور والظرف شبيهين بالجملة لأنه إن قدّر المحذوف فعلاً نحو: استقر كان من قبيل الإخبار بالجملة، وإن قُدر اسماً مفرداً نحو: كائن كان من قبيل الإخبار بالمفرد، فكأنهما أخذا طرفاً من المفرد وطرفاً من الجملة فإذا كانا شبيهين بالجملة وشبيهين بالمفرد، فحذف ذلك في كلامهم من باب الاكتفاء مثل: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ}[سورة النحل، من الآية 81] أي والبرد. (وزيدٌ قام أبوه) هذا مثال للخبر إذا كان جملة فعلية وإعرابه زيدٌ مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وقام فعل ماض، وأبو فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة، وأبو مضاف، والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ. (وزيدٌ جاريته ذاهبة) هذا مثال للخبر إذا كان جملة إسمية، وإعرابه زيدٌ مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وجاريته مبتدأ ثانٍ مرفوع بالضمة الظاهرة، وجارية مضاف، والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر، وذاهبة خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالضمة الظاهرة، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول، والرابط بينهما الهاء من جاريته. والله أعلم.
https://www.islam.ms/ar/?p=495