الآجروميّة العوامل الدّاخلة على المبتدإ والخبر
بسم الله الرحمن الرحيم
العوامل الدّاخلة على المبتدإ والخبر هي: كانَ وأخواتها وإنَّ وأخواتها وظنَّ وأخواتها. فأمّا كانَ وأخواتها فإنها ترفع الاسم وتنصب الخبر وهي: أمسى وأصبح وأضحى وظل وبات وصار وليس وما زال وما انفكّ وما فتِئ وما برِح وما دام وما تصرف منها نحو: كان ويكون وكن وأصبح ويصبح. وتقول: كان زيدٌ قائمًا وليسَ عمرٌو شاخصًا وما أشبه ذلك.
هذا الباب منعقد للعوامل الدّاخلة على المبتدإ والخبر فتغيِّرُهما وتنسخ حُكْمَهُما السَّابِقَ، ولهذا تسمى بالنَّواسخ. وَأَمَّا إِنَّ وَأَخَوَاتُهَا فَإِنَّهَا تَنْصِبُ الاسْمَ وتَرْفَعُ الْخَبَرَ، وَهِىَ: إِنَّ وَأَنَّ وَلَكِنَّ وَكَأَنَّ ولَيْتَ وَلَعَلَّ. تَقُولُ إِنَّ زَيْدًا قََائمٌ وَلَيْتَ عَمْرًا شَاخِصٌ ومَعْنَى إِنَّ وَأَنَّ لِلتَّوْكِيدِ، وَلَكِنَّ لِلاسْتِدْرَاكِ، وَكَأَنَّ لِلتَّشْبِيِه، وَلَيْتَ لِلتَّمَنِّي، وَلَعَلَّ لِلتَّرَجِي وَالتَّوَقُّعِ.
وَأَمَّا ظَنَنتُ وَأَخَوَاتُهَا فَإنَّهَا تَنْصِبُ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ علَى أَنَّهُمَا مَفْعُولانِ لهَا. وَهِىَ ظَنَنْتُ وَحَسِبْتُ وَخِلْتُ وزَعِمْتُ وَرَأَيْتُ وَعَلِمْتُ وَوَجَدْتُ واتَّخَذْتُ وَجَعَلْتُ وَسَمِعْتُ. تَقُولُ: ظَنَنْتُ زَيْدًا مُنْطَلِقًا وَخِلْتُ الْهِلالَ لائِحًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
(وأما إنَّ وأخواتها فإنها تنصب الاسم) وهو الذي كان مبتدأ (وترفع الخبر) الذي كان مرفوعاً بالمبتدأ، (وهي: إنّ وأنّ ولكنّ وكأنّ وليت ولعل، تقول: إنّ زيداً قائمٌ) وإعرابه: إن حرف توكيد ونصب تنصب الاسم وترفع الخبر، وزيداً اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة، وقائم خبرها مرفوع بالضمة الظاهرة، وتقول في عمل إن المفتوحة: بلغني أن زيداً منطلقٌ، وإعرابه: بلغ فعل ماض، والنون للوقاية، والياء مفعول به مبني على السكون في محل نصب، وأن حرف توكيد ونصب تنصب الاسم وترفع الخبر، وزيداً اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة، ومنطلقٌ خبرها مرفوع بالضمة الظاهرة، وأنّ وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل بَلَغَ والتقدير: بَلَغني انطلاقُ زيدٍ. وتقول في عمل لكنّ: قام القوم لكنّ عمراً جالسٌ، وإعرابه: قام القومُ فعل وفاعل، ولكن حرف استدراك ونصب تنصب الاسم وترفع الخبر، وعمراً اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة، وجالسٌ خبرها مرفوع بالضمة الظاهرة، وتقول في عمل كأنّ: كأنَّ زيداً أسدٌ، وإعرابه: كأن حرف تشبيه ونصب تنصب الاسم وترفع الخبر، وزيداً اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة، وأسد خبرها مرفوع بالضمة الظاهرة، (و) تقول في عمل ليت: (ليت عمراً شاخصٌ)، وإعرابه: ليت حرف تمنٍ ونصب ينصب الاسم ويرفع الخبر، وعمراً اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة، وشاخصٌ خبرها مرفوع بالضمة الظاهرة، وتقول في عمل لعل: (لعل الحبيبَ قادمٌ) وإعرابه: لعل حرف ترجٍ ونصب تنصب الاسم وترفع الخبر، والحبيب اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة، وقادمٌ خبرها مرفوع بالضمة الظاهرة. (ومعنى إن وأن للتوكيد) أي توكيد النسبة، أعني قيامَ زيدٍ مثلاً في قولك: إن زيداً قائمٌ، فيرتفع الكذب واحتمال المجاز، (ولكن للاستدراك) وهو تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوتُه أو نفيه، (وكأن للتشبيه) وهو مشاركة أمرٍ لأمرٍ في معنى بينهما، (وليت للتمني) وهو طلب ما لا طمع فيه أو ما فيه عسر، (ولعل للترجي والتوقع) فالترجي طلب الأمر المحبوب نحو: لعل الحبيب قادمٌ، والتوقع الإشفاق أي الخوف من المكروه نحو: لعل زيداً هالكٌ.
(وأما ظَنَنتُ وأخواتها فإنها تنصب المبتدأ والخبر على أنهما مفعولان لها وهي: ظننتُ) نحو: ظننتُ زيداً قائماً، وإعرابه ظننت فعل وفاعل، وزيداً مفعول أول منصوب بالفتحة الظاهرة، وقائماً: مفعول ثانٍ منصوب بالفتحة الظاهرة، (وحسبت وخلت وزعمت ورأيت وعلمت ووجدت واتخذت وجعلت وسمعت. تقول: ظننت زيداً منطلقاً) وإعرابه كما تقدم، (وخلتُ الهلالَ لائحاً وما أشبه ذلك) يعني أن ما أشبه المثالين من بقية الأمثلة يقاس على هذين المثالين نحو: زعمت بكراً صديقاً، وحسبت الحبيب قادما، ورأيت الصدق منجياً، وعلمت الجود محبوباً، ووجدت العلم نافعاً، واتخذت بكراً صديقاً، وجعلت الطين إبريقاً، وإعرابه كما تقدم ؛ ومثال سمع: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول، فسمعت فعل وفاعل، والنبي مفعول أول، والجملة في محل نصب مفعول ثانٍ ؛ والراجح أن سمع في نحو هذا المثال تتعدى لمفعول واحد والجملة التي بعدها حال.
https://www.islam.ms/ar/?p=496