اليوم الآخر. يوم القيامة. يوم الحساب. خطبة جمعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلَّى الله على رسول الله وسلَّم وعلى ءاله وأصحابه الطيبين وبعد.
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَعينُهُ وَنَسْتَهْديهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وَمِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَلا مَثيلَ وَلا شَبيهَ لهُ وَلا ضِدَّ وَلا نِدَّ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنا وَحَبيبَنا وَعَظيمَنا وَقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا محَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبيبُهُ وخَلِيلُهُ، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ، هادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذيرًا، بَلَّغَ الرِّسالَةَ وَأَدّى الأَمانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وجاهدَ في الله حقَّ جهادِهِ، فَجَزاهُ اللهُ عَنّا خَيْرَ ما جَزى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِهِ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنا محمَّدٍ وَعَلى ءالِهِ وأَصْحابِهِ الطَّيِّبِينَ الطاهِرِين.
أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ أُوصِى نَفْسي وَأُوصِيكُمْ بِتَقْوى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ القائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَن فِى القُبُورِ (7)﴾ سورَةُ الحَجّ. وَقَدْ رَوى الحاكِمُ مِنْ حَديثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قالَ "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ فَلْيَقْرَأْ إِذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ". أَعوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإذَا الجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإذَا البِحَارُ سُجِّرتْ (6) وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإذَا الـمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ (9)﴾ سورَةُ التَّكْوِير، أَي إِذا جُمِعَ بَعْضُ الشَّمْسِ إِلى بَعْضٍ ثُمَّ رُمِيَتْ فَذَهَبَ ضَوْؤُها، وَإِذا النُّجومُ تَناثَرَتْ مِنَ السَّماءِ فَتَساقَطَتْ، وَإِذا الجِبالُ قُلِعَتْ مِنَ الأَرْضِ ثُمَّ سُوِّيَتْ بِها كَما خُلِقَتْ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَيْسَ عَلَيْها جَبَلٌ ولا فيها وادٍ وَإِذا العِشارُ أَي النُّوقُ الحَوامِلُ تُرِكَتْ بِلا راعٍ وَبِلا حالِبٍ لِما دَهاهُمْ مِنْ أُمورِ الآخِرَةِ، وَإِذا الوُحوشُ جُمِعَتْ بَعْدَ البَعْثِ لِيُقْتَصَّ مِنْ بَعْضِها لِبَعْضٍ وَتَصيرَ بَعْدَ ذَلِكَ تُرابًا إِظْهارًا لِعَدْلِ اللهِ إِذْ لا تَكْليفَ عَلى البَهائِمِ وَإِذا البِحارُ سُجِّرَتْ أَي أُوقِدَتْ فَٱشْتَعَلَتْ نارًا وَإِذَا النُّفُوسُ قُرِنَتْ بِأَشْكالِها الصّالِحُ مَعَ الصّالِحِ في الجَنَّةِ وَالفاجِرُ مَعَ الفاجِرِ في النّارِ وَإِذَا الـمَوْؤُودَةُ وهِىَ البِنْتُ تُدْفَنُ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَكانَ هَذا مِنْ فِعْلِ الجاهِلِيَّةِ فَكانَ الرَّجُلُ في الجاهِلِيَّةِ في أَحْيانٍ كَثيرَةٍ إِذا وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ بِنْتًا دَفَنَها حَيَّةً إِمّا خَوْفًا مِنَ السَّبْيِ وَالاِسْتِرْقاقِ وَإِمّا خَشْيَةَ الفَقْرِ وَالإِمْلاقِ فَإِذا هِيَ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ وُئِدَتْ وَسُؤَالُها تَوْبيخٌ لِوائِدِها وَجَوابُها أَنْ تَقولَ بِلا ذَنْبٍ، وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ أَي صُحُفُ الأَعْمالِ الَّتِي كَتَبَتْ فيها الـمَلائِكَةُ ما فَعَلَ أَهْلُها مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ تُنْشَرُ يَوْمَ القِيامَةِ لِيَقْرَأَ كُلُّ إِنْسانٍ كِتابَهُ. رَوى ابْنُ حِبّانَ أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلّمَ قال « يُدْعَى أَحَدُهُمْ فَيُعْطَى كِتابَهُ بِيَمينِهِ ويُمَدُّ لَهُ في جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِراعًا ويُبَيَّضُ وَجْهُهُ ويُجْعَلُ عَلى رَأْسِهِ تاجٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلَأْلَأُ" قالَ "فَيَنْطَلِقُ إِلى أَصْحابِهِ فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ فَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي هَذا حَتَّى يَأْتِيَهُمْ فَيَقُولَ أَبْشِرُوا فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلُ هَذا ».
يَقُولُ اللهُ تَعالى ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)﴾ سورَةُ الحاقَّة. فَإِعْطاءُ الكِتابِ بِاليَمينِ إِخْوَةَ الإِيمانِ دَليلٌ على النَّجاةِ وَالـمُؤْمِنُ لَمّا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنَ النّاجينَ وَيَبْلُغُ بِذَلِكَ غايَةً عَظيمَةً مِنَ السُّرورِ بِإِعْطاءِ كِتابِهِ بِيَمينِهِ يُظْهِرُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ حَتّى يَفْرَحُوا لَهُ. اَللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنَ النّاجينَ في ذَلِكَ اليَوْمِ يا رَبَّ العالَمِينَ. فَالَّذِي أُعْطِىَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ هُوَ في عِيشَةٍ راضِيَةٍ مَرْضِيَّةٍ وَذَلِكَ بِأَنَّهُ لَقِىَ الثَّوابَ وَأَمِنَ مِنَ العِقابِ، وَأَمّا مَنْ كانَ مِنَ الخاسِرينَ الهالِكِينَ يَوْمَ الدّينِ فَحالُهُ كَما قالَ رَبُّنا عَزَّ وجَلَّ في كِتابِهِ العَزيزِ: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ (27) مَآ أَغْنَى عَنِّى مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَٱسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ العَظِيمِ (33)﴾ سورَةُ الحاقَّة.
إِخْوَةَ الإِيمانِ، إِنَّ مَنْ أُعْطِىَ كِتابَ أَعْمالِهِ بِشِمالِهِ يَجِدُ سُوءَ عاقِبَتِهِ الَّتي كُشِفَ عَنْها الغِطاءُ فَيَتَمَنّى لَوْ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ كِتابَهُ لِمَا يَرَى فيهِ مِنْ قَبائِحِ أَفْعالِهِ يَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْهُ لِلسُّؤالِ فَيَقُولُ ﴿ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ (27)﴾ قالَ البُخارِيّ "القاضِيَةَ الـمَوْتَةَ الأُوْلَى الَّتِي مُتُّهَا لَمْ أُحْيَ بَعْدَهَا". ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّى مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ (29)﴾ فَمالُهُ الَّذِي كانَ في الدُّنْيا يَمْلِكُهُ لا يَدْفَعُ عَنْهُ مِنْ عَذابِ اللهِ شَيْئًا وَسُلْطانُهُ أَي مُلْكُهُ وَقُوَّتُهُ الَّذِي كانَ لَهُ في الدُّنْيا زالَ عَنْهُ. ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)﴾ أَي خُذُوهُ وَٱجْمَعُوا يَدَيْهِ إِلى عُنُقِهِ مُقَيَّدًا بِالأَغْلالِ وَأَدْخِلُوهُ وَٱغْمُرُوهُ في نارِ جَهَنَّمَ ﴿ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَٱسْلُكُوهُ (32)﴾ قيلَ تَدْخُلُ مِنْ فَمِهِ سِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا طُولُها سَبْعُونَ ذِراعًا وَتَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ. اَللَّهُمَّ أَجِرْنا مِنْ عَذابِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ.
وَما هُوَ سَبَبُ العَذابِ لِلْكافِرِ ﴿ إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ العَظِيمِ (33)﴾ فَالكُفْرُ مُوجِبٌ لِلْعَذابِ أَي لِمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مُوجِبٌ لِلْعَذابِ الأَبَدِيِّ الَّذِي لا نِهايَةَ لَهُ. قالَ اللهُ تَعالى ﴿ إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا لاَّ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَآ أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ (66)﴾ سورة الأَحْزاب، وَسَواءٌ كانَ الكافِرُ قَدْ وُلِدَ لِأَبَوَيْنِ كافِرَيْنِ أَوْ وُلِدَ لِوالِدٍ مُسْلِمٍ ثُمَّ ٱرْتَدَّ بِاعْتِقادٍ كُفْرِيٍّ كَأَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللهَ جِسْمٌ أَوْ ساكِنٌ في السَّماءِ أَو جالِسٌ على العَرْشِ أَوْ مُنْبَثٌّ في كُلِّ الأَماكِنِ، أَوِ ارْتَدَّ بِفِعْلٍ كُفْرِيٍّ كَأَنْ داسَ عَلى الـمُصْحَفِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ ما يَدُوسُ عَلَيْهِ هُوَ الـمُصْحَفُ أَوْ رَماهُ في القاذُوراتِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ ما رَماهُ هُوَ الـمُصْحَفُ والعِياذُ بِاللهِ تعالى أوِ ارْتَدَّ بِقَوْلٍ كُفْرِيٍّ كَأَنْ سَبَّ رَبَّ العالَمِينَ عِنْدَ الغَضَبِ أَوْ قالَ يا ابْنَ أَلاَّ ومُرادُهُ والعياذُ باللهِ يا ابْنَ اللهِ أوِ اسْتَهْزَأَ بِشَىْءٍ مِنَ الدِّينِ كَما يَحْصُلُ مِنْ بَعْضِ السُّفَهاءِ في ما يُسَمُّونَهُ بِالنُّكَتِ في هَذِهِ الأَيَّامِ مِمّا يَتَضَمَّنُ الطَّعْنَ في الدِّينِ لِيُضْحِكُوا النّاسَ بِزَعْمِهِمْ فَيَخْرُجونَ مِنْ دائِرَةِ الإِسْلامِ إِلى دائِرَةِ الكُفْرِ والضَّلالِ وهُمْ لا يَشْعُرونَ، وقَدْ لا يَرْجِعونَ إِلى الإِسْلامِ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ ما زَالُوا عَلى الإِسلامِ وذلكَ لِبُعْدِهِمْ عَنْ مَجالِسِ عِلْمِ الدِّينِ وَلاِنْغِماسِهِمْ في الدُّنيا ومَلَذَّاتِها وشَهَواتِها فَيَبْقَوْنَ على الكُفْرِ حَتَّى تُقْبَضَ أَرْواحُهُمْ وهُمْ على تِلْكَ الحالِ والعِياذُ بِاللهِ تَعالى فَيَكُونُونَ في عَذابِ السَّعِيرِ خالِدِينَ فِيها أَبَدًا.
رَوَى مُسْلِمٌ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ أَنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعالى يَقولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النّارِ عَذاباً "لَوْ كانَتْ لَكَ الدُّنْيا وما فِيها أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِها ؟" فَيَقُولُ "نَعَمْ" فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ "قَدْ أَمَرْتُكَ بِأَهْوَنَ مِنْ هَذا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ ءادَمَ أَنْ لا تُشْرِكَ فَأَبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ" اهـ. قالَ ابْنُ حَجَرٍ في شَرْحِ البُخارِيِّ قالَ عِيَاضٌ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى قَوْلِه تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ الآية.
اَللَّهُمَّ يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قُلوبَنا على دينِكَ، وَأَخْرِجْنا مِنْ هَذِهِ الدُّنْيا على كامِلِ الإِيمانِ وَقِنا عَذابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبادَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. هَذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ.
الخطبة الثانية
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَن يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ على سَيِّدِنا محمدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمينِ وعلى إِخْوانِهِ النَّبِيِّينَ والمُرْسَلين. وَرَضِيَ اللهُ عَنْ أُمَّهاتِ الْمُؤْمِنينَ وَءالِ البَيْتِ الطَّاهِرينَ وَعَنِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ أَبي بَكْرٍ وعُمَرَ وَعُثْمانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الـمُهْتَدينَ أَبي حَنيفَةَ ومالِكٍ والشافِعِيِّ وأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ والصَّالِحينَ أَمَّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ فَإِنّي أُوصيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ فَٱتَّقُوهُ.
وَٱعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى نَبِيِّهِ الكَرِيمِ فَقالَ ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)﴾ اَللَّهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا محمدٍ وعلى ءالِ سَيِّدِنا محمدٍ كَمَا صَلَّيْتَ على سيدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِ سيدِنا محمدٍ كَمَا بارَكْتَ على سيدِنا إِبراهيمَ وعلى ءالِ سيدِنا إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقولُ اللهُ تعالى ﴿يَا أَيُّها النَّاسُ ٱتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ (2)﴾ .اَللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْناكَ فَٱسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فَٱغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنا ذُنوبَنَا وَإِسْرافَنا في أَمْرِنا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ رَبَّنا ءاتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُداةً مُهْتَدينَ غَيْرَ ضالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْراتِنا وَءَامِنْ رَوْعاتِنا وَٱكْفِنا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ ما نَتَخَوَّفُ. عِبادَ اللهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذي القُرْبَى وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. أُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَٱشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَٱسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَٱتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنَ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.
https://www.islam.ms/ar/?p=69