فضل العشر الأول من ذي الحجة ويوم عرفة. خطبة جمعة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، صلى الله على محمد وعلى كل رسول أرسله.
يوم عرفة 9 ذي الحجة .
يوم عرفة هو أفضل أيام السنة ويُسن صيامه، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: وَسُئِلَ -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ ؟ فَقَالَ: « يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ ».
عيد الأضحى 10 ذي الحجـة
يقول الله تعالى: ﴿ وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ ﴾ {الفجر:1-2-3} وأخرج الامام أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه عن ابنِ عَبّاسٍ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ أيّامٍ الْعَمَلُ الصّالِحُ فيهَا أحَبُّ إلَى الله مِنْ هَذِهِ الأيّامِ يَعْني أيّامَ الْعَشْرِ قالُوا: يَا رَسُولَ الله وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله ؟ قالَ وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله إلاّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ».
إخوة الإيمان والإسلام:
أقسم الله تعالى بالفجر وليالٍ عشر ليَدُلَّنا على نفعها، والليالي التي أقسم الله عز وجل بها هي ليالِ أيامِ العشرِ الأُوَلِ من ذي الحجة، والشفعُ هو يوم النحر، الذي هو يوم الحج الأكبر، والوترُ هو يوم عرفة.
وقد دلت الأحاديث على أن العمل الصالح في أيام العشر الأول من ذي الحجة أحبُّ إلى الله من العمل في أيامِ غيرِه من السنة، فعمل البر والإحسان فيها يزيد على ما سواه، والأعمال الصالحة تزكو عند الله أكثر مما إذا عملت في غيرها. لاجتماع أمّهات العبادة فيه: الصلاة والصيام والحج والصدقة، ولا يتأتى ذلك في غيرها.
وقد روي في خصوص صيام أيامه وقيام لياليه وكثرة الذكر فيه أحاديث وآثار. ففي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما من أَيَّامٍ أعظمُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى وَلاَ أَحَبُّ إلَيْهِ من الْعَمَلِ فِيهِنَّ من هذه الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ من التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ والتَّحْمِيدِ ».
وقال الإمام البخاري: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ {الحج:27} أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، (يشير إلى معنى ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ {البقرة:203})، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.اهـ
وأفضل أيام العشر بل أفضل أيام العام هو يوم عرفة، يوم التاسع من ذي الحجة، فقد روى ابن حبان في صحيحه من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أفضل الأيام يوم عرفة ».
وهو يوم عيد للمسلمين، فقد روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ ؟ قال: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا ﴾ {المائدة:3} قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.
وفي بعض الروايات، قال عمر: " نزلت يوم جمعة يوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد". وقال ابنُ عَبّاسٍ: " فَإِنّهَا نَزَلَتْ في يَوْمِ عِيدَيْنِ: في يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ ". رواه الترمذي وغيره.
ومنها: أنه يوم مغفرة من الذنوب والتجاوز عنها والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف كما في صحيح مسلم قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء". يقول النووي في شرح مسلم: قال القاضي عياض: قال المازري: معنى ( يدنو ) في هذا الحديث: أي تدنو رحمته وكرامته، لا دنو مسافة ومماسة. قال القاضي: يتأول فيه ما سبق في حديث النـزول إلى السماء الدنيا، كما جاء في الحديث الآخر: من غيظ الشيطان يوم عرفة لما يرى من تنـزل الرحمة، قال القاضي: وقد يريد دنو الملائكة إلى الأرض أو إلى السماء بما ينـزل معهم من الرحمة ومباهاة الملائكة بهم عن أمره سبحانه وتعالى. اهـ
وجاء في فضل يوم عرفة أحاديث كثيرة منها:
ما رواه مسلم في الصحيح، عن السيدة عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ».
وأخرج مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما رؤيَ الشيطانُ يوما هو فيه أصْغَرُ، ولا أدْحَرُ ولا أحْقَرُ، ولا أغْيَظُ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى من تَنَزُّل الرحمة، وتجاوزِ الله عن الذُّنوبِ العِظامِ، إلا ما أُرِيَ يومَ بَدْر، قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله قال: أما إنَّه قَدْ رأى جبريل يَزَعُ الملائكة. (أي يُرَتِّبَهم ويُسَوِّيِهم ويَصُفُّهم للحرْب).
وفي موطأ مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا والنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ».
ويستحب صيام يوم عرفة لغير الحاج، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: وَسُئِلَ -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ ؟ فَقَالَ: « يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ ».
وأما بالنسبة للحاج فلا يصوم، فقد ثبت في الصحيح أن رسول الله وقف مفطرا، والعمل على هذا عند أكثرِ أَهلِ العلمِ يَستَحِبُّونَ الإفطَارَ بعَرَفَةَ ليتَقَوَّى بِهِ الرَّجلُ عَلَى الدَّعاءِ.
إخوة الإيمان:
إنّ الأمةَ المحمّديةَ اليوم تنتظرُ بشوقٍ لتشهدَ أبْهَى مظاهرِ الوحدة، حيثُ يجتمعُ المسلمونَ بأشكالهم المختلفةِ وألسنتِهم المتعدّدة تحتَ رايةِ التوحيد التي جمعتهم فوقَ أرضٍ واحدةٍ يدعونَ ربًّا واحدًا.
إنَّ موقفَ المسلمينَ على أرضِ عرفة قائلين: " لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك " موقفٌ تنشدُّ له الأبصار، موقفٌ تحنُّ لهُ القلوب، موقفٌ تذرفُ له العيونُ بالدموعِ شوقًا لتلك البِقاع، شوقًا لأمِّ القرى لمكّةَ ومنى وعرفة.
اللهمّ أصلِحْ ذاتَ بينِنا وألّفْ بينَ قلوبِنا ووحّدْ صفوفَنا واجمعْ شملَنا وارفعْ رايتَنا إنكَ على كلِّ شىءٍ قدير.
هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم
صوم النصف من شعبان يوم الجمعة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَخُصُّوا يومَ الجمُعَةِ بصِيامٍ مِنْ بَينِ الأيّامِ إلّا أنْ يَكُونَ في صَومٍ يَصُومُه أحَدُكم" رواه مسلم.
قال الفقهاء: والمرادُ إذا لم يُوافِق إفرادَ يومِ الجمعةِ عادةً لهُ كأنْ كانَ مِن عَادَتِه أنّه يَصُومُ يومًا ويُفطِرُ يَومًا، أو يَصُومَ عاشُوراءَ كلَّ عامٍ أو يصومُ عَرفةَ كلَّ عامٍ أو يَصُومُ يَومَ النِّصْفِ مِن شَعبانَ كُلَّ عَامٍ فَوافَقَ يومَ صَومِه فلا كَراهةَ.
وقالَ بَعضُهم إنّه لا يُكرَه إفرادُ صَومِ يوم عرفة إنْ صَادَفَ يَومَ الجمُعة ولو لم يُوافِق عَادَةً له لكن الاحتياطَ أن يَصُومَ يَومًا قَبْلَه أو بَعْدَه.
قال العلماء: إذا صادف يوم عرفة يوم جمعةٍ فلا يكره إفراد صوم يومه لمن وافق صومه عادة له وأمّا من لم يوافق صومه عادّةً له فلا يكره إفراده بالصيام لأن الأصل في الصوم أنه طاعة مطلوب فعلها وما ورد من النهي عن إفراد الجمعة بالصوم مخصوص بالأمر بصوم يوم عرفة وقيل يكره احتياطا وممن صرّح بالأول ابن قاسم وغيره من الشافعية.
دعاء يوم عرفة للحاج ولغير الحاج:
الحمد لله ربّ العالمين، اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، رِبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺄﻟُﻚَ لي ولأهلي وأحبابي ﺍﻟﻬُﺪَﻯ ﻭﺍﻟﺘُّﻘَﻰ ﻭﺍﻟﻌَﻔَﺎﻑَ ﻭﺍﻟﻐِﻨَﻰ، وأحسن ختامنا وعافنا وارزقنا الجنة من غير عذاب يا الله.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧِّﻲ ﺃﻋﻮﺫُ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺟَﻬﺪِ ﺍﻟﺒﻼﺀ، ﻭﺩَﺭﻙِ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ، ﻭﺳﻮﺀِ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ، ﻭﺷﻤﺎﺗﺔِ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺻﻠِﺢ ﻟﻲ ﺩﻳﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋِﺼﻤَﺔُ ﺃﻣﺮﻱ، ﻭﺃﺻﻠِﺢ ﻟﻲ ﺩُﻧﻴﺎﻱَ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣَﻌَﺎﺷﻲ، ﻭﺃﺻﻠِﺢ ﻟﻲ آﺧِﺮَﺗﻲ ﺍﻟﺘﻲ إليها منقلبي، ﻭﺍجعل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓَ ﺯﻳﺎﺩﺓً ﻟﻲ ﻓﻲ ﻛﻞِّ ﺧﻴﺮ، ﻭاجعلِ ﺍﻟﻤﻮﺕَ ﺭﺍﺣﺔً ﻟﻲ ﻣﻦ ﻛﻞِّ ﺷﺮّ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ آﺕِ ﻧﻔﺴﻲ ﺗَﻘﻮﺍﻫﺎ، ﻭﺯَﻛِّﻬﺎ ﺃﻧﺖَ ﺧﻴﺮُ ﻣَﻦ ﺯﻛﺎﻫﺎ، ﺃﻧﺖَ ﻭَﻟِﻴُّﻬﺎ ﻭﻣَﻮﻻﻫﺎ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧِّﻲ ﺃﻋﻮﺫُ ﺑﻚَ ﻣِﻦ ﺯَﻭَﺍﻝِ ﻧِﻌﻤَﺘِﻚ، ﻭﺗَﺤَﻮُّﻝ ﻋﺎﻓِﻴَﺘِﻚ، ﻭﻓُﺠَﺎﺀﺓِ ﻧِﻘﻤَﺘِﻚ، ﻭﺟَﻤِﻴﻊِ سَخَطِك.
اللهم أعتق رقبتي من النار ويسّر لي من الرزق الحلال واصرف عني فسقة الجن والإنس وأحسن ختامي برحمتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعلَمِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْراً،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله ربّ العالمين.
أدعية لرفع البلاء وتيسير الأمور. دعاء يوم عرفة. دعاء ختم القرآن
https://www.islam.ms/ar/?p=291