غَزْوَةُ بَنِي قَيْنقاع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي قَيْنقَاع فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَكَانَ مِنْ خَبَرِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ وَادَعَ يَهُودَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ لا يُعِينُوا عَلَيْهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ إِنْ دَهَمَهُ عَدُوٌّ بِهَا نَصَرُوهُ.
فَلَمَّا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ بِبَدْرٍ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَظْهَرُوا لَهُ الْحَسَدَ وَالْبُغْضَ وَأَظْهَرُوا نَقْضَ الْمُعَاهَدَةِ. فَجَمَعَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوقِ قَيْنقَاع وَقَالَ لَهُمْ: "يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ احْذَرُوا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَ مَا نَزَلَ بِقُرَيْشٍ مِنَ النِّقْمَةِ وَأَسْلِمُوا فَإِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنِّي نَبِيٌّ مُرْسَلٌ تَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِكُمْ". وَلَكِنَّ الْيَهُودَ عَانَدُوا وَتَكَبَّرُوا عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ.
وَكَانَ يَهُودُ بَنِي قَيْنقَاع مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ لَهُمْ فِيهَا حُصُونٌ، وَرُغْمَ نُصْحِ النَّبِيِّ اسْتَمَرُّوا فِي غِيِّهِمْ وَتَحَرٌّشِهِمْ إِلَى أَنْ حَدَثَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ قَدِمَتْ بِبِضَاعَةٍ لَهَا فَبَاعَتْهَا بِسُوقِ بَنِي قَيْنقَاع وَجَلَسَتْ إِلَى صَائِغٍ فَاجْتَمَعَ حَوْلَهَا نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ يَتَحَرَّشُونَ بِهَا وَطَلَبُوا مِنْهَا كَشْفَ شَىْءٍ مِنْ بَدَنِهَا فَأَبَتْ فَعَمَدَ الصَّائِغُ إِلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إِلَى ظَهْرِهَا فَلَمَّا قَامَتِ انْكَشَفَتْ سَوْأَتُهَا فَضَحِكَ الْيَهُودُ مِنْهَا وَسَخِرُوا فَصَاحَتْ فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّائِغِ فَقَتَلَهُ فَشَدَّتِ الْيَهُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ.
وَسُرْعَانَ مَا لَجَأَ الْيَهُودُ إِلَى حُصُونِهِمْ اسْتِعْدَادًا لِلْحَرْبِ وَاعْتَصَمُوا فِيهَا فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لا يَطْلُعُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ وَاسْتَسْلَمُوا فَشَفَعَ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ وَأَلَحَّ فِي الرَّغْبَةِ حَتَّى حَقَنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِمَاءَهُمْ ثُمَّ أَمَرَ بِإِجْلائِهِمْ.
https://www.islam.ms/ar/?p=426