قصة رضاع النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدّ ولا ندّ له. وأشهد أنَّ سيّدنا و حبيبنا وقرّة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، صلى الله عليه صلاة يقضي بها حاجاتنا ويفرج بها كرباتنا ويكفينا بها شر أعدائنا وسلم عليه وعلى آله سلامًا كثيرا.
اللهُ عظّـمَ قدرَ جاهِ محمدٍ وأنالَهُ فضـلاً لديهِ عظيما
في محكمِ التنْزيلِ قالَ لخَلْقِهِ صلوا عليه وسلموا تسليما
الصلاة والسلام عليك سيدي يا رسول الله، ضاقت حيلتنا وأنت وسيلتنا، أدركنا يا رسول الله، يا أبا القاسم يا محمد، أدركنا بإذن الله .
أما بعد فيا عباد الله أوصي نفسي وأوصيكم بتقوى الله العلي العظيم القائل في كتابه الكريم: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ﴾ [سورة الفتح آية 28].
إخوة الإيمان والإسلام، تحدثنا عن البدعة وجواز الاحتفال بالمولد، وتحدثنا عن شىء من قصة المولد، ويسرنا اليوم أن نتحدث معكم عن قصة رضاعه صلى الله عليه وسلم، توفي والده صلى الله عليه وسلم عبد الله وهو ابن شهرين ، وقيل وهو حِمْلٌ.
ولما مات والده ضجّت الملائكة سؤالاً لا اعتراضًا لأن الملائكة لا يعترضون على الله، ضجّت الملائكة إلى باريها: "إلهنا أيبقى نبيك وحبيبك يتيمًا. قال الله تعالى: {يا ملائكتي أنا أولى بحفظه من أمه وأبيه، وأنا خالقه ورازقه ومُربّيه، ومُظْفره على أعاديه، ولي تدبير ذلك وأنا على كل شىء قدير}.
وقال تعالى: {أنا أولى بحبيبي ونبيي محمّد فإني قد كتبت أن لا ترضعه إلا أمتي حليمة}. فكان من قصة رضاعه من حليمة ما يلي ... ولكن قبل أن أذكر لكم ما جاء عن حليمة أبين لكم إخوة الإيمان أن ما ذكرناه في هذين الموضعين ليس قرءانًا. قالت حليمة: خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أنانٍ وهي الأنثى من الحمير في سنة القحط والجدب التي لم تُبق شيئًا ومعي زوجي ومعنا ناقة مسنّة لا يسيل من ضرعها قطرة حليب، ومعي صبي لي لا ننام ليلتنا من بكائه ما في ثديي ما يغنيه. يعني هذا الصبي يبكي من الجوع.
قالت قدمنا إلى مكة ولم يبق منا امرأة إلا عُرض عليها رسول الله فتأباه، قالت وإنما كنا نرجو كرامة الرضاعة من والد المولود، يعني النسوة ينتظرن ما نعبر عنه نحن بالإكرامية من والد المولود، ولكن رسول الله يتيم. قالت حليمة: لم يبقَ من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيًا غيري فكرهت أن أرجع ولم ءاخذ شيئًا، فقلت لزوجي والله لأرجعن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه. قالت فأتيته فأخذته ورجعت إلى رحلي، فقال زوجي: قد أخذتيه، فقلت نعم والله، فقال: عسى أن تكون فيه بركة. فأخذته فسعدت بأخذه، وأقبل عليه ثدياها بما شاء الله من اللبن، وشرب من اللبن حتى تركه من الشبع، فأدارته إلى ثديها الأيسر فامتنع إلهامًا من الله تعالى، كأنه قد علم أن له في ذلك شريكًا فظهر منه حينئذ الإنصاف والفضل لأنه صلوات ربي وسلامه عليه جُبِل على الإحسان والعدل فكان الأيمن يكفيه والثدي الأيسر لأخيه. وقام زوج حليمة إلى الشاة فإذا بها لبن كثير فحلب منها ما كفاهما شرابًا. وحين قدموا أرض بني سعد اهتزت وأخصبت. فإذا كان الخضر سمي بالخضر لأنه كان يجلس على الأرض اليابسة فتخضر بإذن الله، فكيف بأفضل خلق الله وأحب الخلق إلى الله.
قدمت حليمة إلى أرض بني سعد فأخصبت بعد أن أجدبت، وكثرت مواشي حليمة ونمت. وزادت مواشيها وأخصب ربْعُها وقد عمّ هذا السعدُ كل بني سعدِ.
وفي بعض الأيام جاءه جبريل وميكائيل فأضجعاه وشقا بطنه وغسلاه بماء زمزم وختما على ظهره بخاتم النبوة، فخاف أخوه عليه فأتى أمه أي حليمة وأخبرها بخبر محمد صلى الله عليه وسلم فخافت حليمة عليه وأعادته إلى أمه وسلّمته إليها.
وانصرفت حليمة بجفن من الفراق قريح وقلب من الاشتياق جريح وخاطرها بالحبيب مشغول ولسان حالها ينشد ويقول:
أستودع الله في ذاك الحمى قمرا بحسنه لقلوب الناس قد قمرا
رمى فأرمى جمار الشوق في كبدي وللوداع وقفنا والكرى نفرا
تبارك الله ما أجلاه من قمر ترى تعود ليـالي الوصـل تجمعنا
بنور طلعته قد حيّر الشُعَرَا ويبلغ الصبّ من أحبابه وطرا
يا قلبُ هذا الذي قد كنت أحذره صبرا على ما قضى طوعًا لِما أمرا
فارقته حليمة وأحشاؤها بسيف الشوق كليمة، واشوقاه إليك يا رسول الله.
اللهم أعد علينا ذكراه العظيمة بالأمن والأمان، يا رب العزة يا الله ...
هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخُطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ . عبادَ اللهِ أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾، اللهمّ إنّا نسألك السلامة في الدنيا وفي الآخرة يا الله، إنّك على كلّ شىء قدير، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا وَأَقِمِ الصلاةَ.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ
https://www.islam.ms/ar/?p=144