خطبة الجمعة عن مُعْجِزَة الإِسْراء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الخطبة الأولى
الحَمْدُ للهِ ثُمَّ الحَمْدُ للهِ، الحَمْدُ للهِ وسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، الحَمْدُ للهِ الواحِدِ الأَحَدِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَد، نَحْمَدُهُ تَعالى وَنَسْتَهْدِيهِ ونَسْتَرْشِدُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا. والصَّلاةُ والسلامُ الأَتَمّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى سَيِّدِنا محمَّدٍ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنانَ مَنْ أَيَّدَهُ اللهُ بِالبُرْهانِ وأَظْهَرَ شَرَفَهُ عَلى سائِرِ الأَنْبِياءِ لَيْلَةَ الإِسْراء. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصَفِيُّهُ وخَلِيلُهُ صلى الله عليه وسلم وعَلى جَمِيعِ إِخْوانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِين.
أَمّا بَعْدُ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِين، فَإِنِّي أُوصِي نَفْسِي وأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فَٱتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وأَنْتُم مُسْلِمُونَ وٱعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ يَتَّقُون. إِخْوَةَ الإِيمانِ تُطِلُّ عَلَيْنَا مُناسَبَةٌ عَظِيمَةٌ أَلاَ وهِيَ ذِكْرَى الإِسْراءِ والْمِعْراج. وكَلامُنا اليَوْمَ إِنْ شاءَ اللهُ تَعالى عَلى مُعْجِزَةِ الإِسْراء. قالَ اللهُ تَعالى في القُرْءانِ الكَرِيمِ ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [سورة الإسراء / 1] إِخْوَةَ الإِيمانِ لَقَدْ ثَبَتَ الإِسْراءُ بِنَصِّ القُرْءانِ والأَحادِيثِ الصَّحِيحَةِ وإِجْماعِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ الإِيمانُ بِه. وقَدْ كانَ إِسْراؤُهُ صلى الله عليه وسلم في اليَقَظَةِ بِالرُّوحِ والجَسَدِ وما هَذا عَلى اللهِ بِعَزِيزٍ فَإِنَّهُ تَبارَكَ وتَعالى عَلى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ لِذا قالَ عُلَماءُ الإِسْلامِ إِنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُعْجِزَةَ الإِسْراءِ فَقَدْ كَذَّبَ القُرْءانَ ومُكَذِّبُ القُرْءانِ لا يَكُونُ مِنَ الْمُسْلِمِين.
كانَ بَدْءُ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ في بَيْتِ أُمِّ هانِئٍ بِنْتِ أَبِي طالِبٍ كَما رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ رضي الله عنه قالَ كانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وأَنا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ ماءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جاءَ بِطِسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وإِيمانًا فَأَفْرَغَها في صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ اهـ وتَبْدَأُ رِحْلَةُ الإِسْراءِ حَيْثُ أَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِدابَّةٍ قِيلَ هِيَ البُراقُ كُلُّ خُطْوَةٍ لَهُ مُنْتَهَى أَقْصَى بَصَرِهِ لِيَرْكَبَهُ رَسُولُ اللهِ فَٱسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ فَقالَ جِبْرِيلُ أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذا فَما رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلى اللهِ مِنْ محمَّدٍ .. فَٱرْفَضَّ [أَيْ جَرَى وسالَ] البُراقُ عَرَقًا [رواه الترمذي في سننه].
وقَدْ رَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ شَدّادِ بْنِ أَوْسٍ قالَ قُلْنا يا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ أُسْرِيَ بِكَ ؟ قالَ صَلَّيْتُ لِأَصْحابِي صَلاةَ العَتَمَةِ بِمَكَّةَ مُعْتِمًا وأَتانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِدابَّةٍ بَيْضاءَ فَوْقَ الحِمارِ ودُونَ البَغْلِ فَقالَ ارْكَبْ فَٱسْتَصْعَبَتْ عَلَيَّ، فَدارَها بِأُذُنِها ثُمَّ حَمَلَنِي عَلَيْها فَٱنْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنا يَقَعُ حافِرُها حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُها حَتَّى بَلَغْنا أَرْضًا ذاتَ نَخْلٍ فَأَنْزَلَنِي فَقالَ صَلِّ فَصَلَّيْتُ ثُمَّ رَكِبْنا فَقالَ أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ قُلْتُ اللهُ أَعْلَمُ قالَ صَلَّيْتَ بِيَثْرِبَ صَلَّيْتَ بِطَيْبَةَ اهـ الحَدِيث. وهَكَذا باتَ النَّبِيُّ يَنْتَقِلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ عَلى البُراقِ ومَعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَصَلَّى بِطُورِ سَيْناءَ حَيْثُ كَلَّمَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ.
الله تبارك وتعالى مُتكلمٌ بكلامٍ أزليٍ أبديٍ لا يُشبِهُ كلامَ المخلوقيَن ليس لِكلامِه ابتداء، ليس له انتهاء، لا يطرأ عليه سُكوتٌ أو تَقطّع لأنه ليس حرفًا ولا صوتًا ولا لغةً وأمَّا كلامُ المخلوقين فهو بِحرفٍ وصوتٍ وبالآلات. قال تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾، أَيْ أَسْمَعَ اللهُ مُوسى كَلامَهُ الأَزَلِيَّ الأَبَدِيَّ الَّذِي لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلا صَوْتٍ. أزال اللهُ المانعَ عن سمع موسى، فسَمِعَ كلامَ اللهِ منْ غير أن يَحُلَّ الكلامُ الأزليُّ في أُذن موسى، فموسى عليه السلام حادثٌ وسمعُه مخلوق وأمّا مسموعهُ وهو كلام الله فليس بحادثٍ. قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: « ويتكلم لا ككلامنا ، نَحن نتكلم بالآلات من المخارج والحروف والله متكلمٌ بلا ءالةٍ ولا حرفٍ ».
ثُمَّ النَّبِيُّ صَلَّى بِبَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، ويَقُولُ الحَبِيبُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْطَلَقَ بِي (أَيْ جِبْرِيلُ) حَتَّى دَخَلْنا الْمَدِينَةَ (أَيْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ) مِنْ بابِها اليَمانِيِّ فَأَتَى قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ فَرَبَطَ بِهِ دابَّتَهُ ودَخَلْنا الْمَسْجِدَ مِنْ بابٍ فِيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ والقَمَرُ فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شاءَ اللهُ اهـ
إِخْوَةَ الإِسْلامِ إِنَّها لَذِكْرَى عَظِيمَةٌ تُعِيدُ إِلى الأَذْهانِ سِيرَةَ أَعْظَمِ الخَلائِقِ وسَيِّدِها ومُبَيِّنِ الحَقائِقِ ومُظْهِرِها، وصاحِبِ الْمُعْجِزاتِ الباهِراتِ الظّاهِراتِ سَيِّدِ الأَنْبِياءِ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وفي تِلْكَ اللَّيْلَةِ العَظِيمَةِ أَظْهَرَ اللهُ أَفْضَلِيَّةَ سِيِّدِنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلى سائِرِ الأَنْبِياءِ والْمُرْسَلِينَ حَيْثُ جَمَعَ اللهُ لَهُ جَمِيعَ الأَنْبِياءِ في بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ ءادَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ فَصَلَّى بِهِمْ إِمامًا، قالَ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ دَخَلْتُ بَيْتَ الْمَقَدْسِ فَجُمِعَ لي الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَقَدَّمَنِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَمَمْتُهُمْ ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلى السَّماءِ اهـ [رواه النسائي] صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يا سَيِّدِي يا رَسُولَ الله.
ولَقَدْ رَأَى نَبِيُّنا محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم في إِسْرائِهِ الكَثِيرَ الكَثِيرَ مِنَ العَجائِبِ مِمَّا فِيهِ لَنا العِبْرَةُ والْمَوْعِظَةُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمّا مَرَّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرِ ماشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ شَمَّ رائِحَةً طَيِّبَةً تَنْبَعِثُ مِنْ قَبْرِ تِلْكَ الْمُسْلِمَةِ الصالِحَةِ الَّتِي رَزَقَها اللهُ وأَوْلادَها الشَّهادَة، وذَلِكَ أَنَّها كانَتْ يَوْمًا تَمْشِطُ رَأْسَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ فَسَقَطَ المِشْطُ مِنْ يَدِها فَقالَتْ بِسْمِ اللهِ فَسَأَلَتْها بِنْتُ فِرْعَوْنَ أَوَلَكِ رَبٌّ إِلَهٌ غَيْرُ أَبِي ؟ فَقالَتِ الْماشِطَةُ نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ هُوَ اللهُ فَأَخْبَرَتْ أَباها فَطَلَبَ فِرْعَوْنُ مِنْها الرُّجُوعَ فَأَبَتْ فَحَمَّى لَها ماءً وجَعَلَ فِيهِ الزَّيْتَ حَتَّى غَلَى وجَعَلَ يُلْقِي فِيهِ أَوْلادَها الواحِدَ تِلْوَ الآخَرِ فَيَذُوبُ اللَّحْمُ عَنِ العَظْمِ وهِيَ لا تَتَخَلَّى عَنْ إِيمانِها إِلَى أَنْ حانَ دَوْرُ طِفْلِها الرَّضِيعِ فَإِذا بِهِ يُكَلِّمُها وقَدْ أَنْطَقَهُ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى فَقالَ يا أُمّاهُ اصْبِرِي فَإِنَّ عَذابَ الآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذابِ الدُّنْيا فَلا تَتَقاعَسِي فَإِنَّكِ عَلَى حَقٍّ اهـ إِخْوَةَ الإِيمانِ، أَيْنَ نَحْنُ اليَوْمَ مِنْ مِثْلِ هَذا الصَّبْر .. أَيْنَ نَحْنُ اليَوْمَ مِنْ مِثْلِ هَذا اليَقِينِ بِالحَقِّ .. أَيْنَ نَحْنُ اليَوْمَ مِنَ الاِلْتِزامِ الكامِلِ بِنَهْجِ قائِدِ الأُمَّةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم .. أَيْنَ نَحْنُ مِنْ هَؤُلاءِ ومُجْتَمَعُنا يَنْسَى يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ هَذِهِ الْمَعانِي ويَغْفُلُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ عَنْ شِدَّةِ الحاجَةِ لِلتَّمَسُّكِ بِالعَقِيدَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ .. أَيْنَ نَحْنُ اليَوْمَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الحَقِّ وعَلَى أَداءِ الواجِباتِ كُلِّها وٱجْتِنابِ الْمُحَرَّماتِ بِأَنْواعِها، فَسَلْ نَفْسَكَ يا أَخِي الْمُسْلِمَ هَلْ أَدَّيْتَ ما افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكَ وهَلِ اجْتَنَبْتَ كُلَّ ما حَرَّم .. هَلْ أَدَّيْتَ الصَّلاةَ في وَقْتِها .. هَلْ أَدَّيْتَ الزَّكاةَ كَما يَجِبُ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى في أَثْناءِ إِسْرائِهِ أُناسًا يَسْرَحُونَ كَالأَنْعامِ عَلَى عَوْراتِهِمْ رِقَاعٌ فَقالَ لَهُ جَبْرِيلُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَتَثاقَلُ رُؤُوسُهُمْ عَنْ تَأْدِيَةِ الصَّلاة، ورَأَى قَوْمًا يَتَنافَسُونَ عَلى اللَّحْمِ الْمُنْتِنِ ويَتْرُكُونَ اللَّحْمَ الجَيِّدَ الْمُشَرَّحَ فَقالَ جِبْرِيلُ هَؤُلاءِ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِكَ يَتْرُكُونَ الحَلالَ ويَأْتُونَ الحَرامَ الخَبِيثَ فَيَأْكُلُونَهُ وهُمُ الزُّناةُ، ورَأَى أُنَاسًا يَشْرَبُونَ مِنَ الصَّدِيدِ الخارِجِ مِنَ الزُّناةِ فَقالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَؤُلاءِ شارِبُو الخَمْرِ الْمُحَرَّمِ في الدُّنْيَا.
هَذا بَعْضُ ما رَواهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في إِسْرائِهِ وفِيهِ لَنا عِبَرٌ كَثِيرَةٌ نَسْأَلُ اللهَ تَعالى أَنْ يَجْعَلَنا مِمَّنْ يَعْتَبِرُ مِنَ الآياتِ القُرْءانِيَّةِ والسِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وأَنْ يُوَفِّقَنا وإِيّاكُمْ إِلى الاِلْتِزامِ بِطاعَتِهِ وٱجْتِنابِ مَعْصِيَتِهِ فَإِنَّهُ لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِهِ نَعُوذُ بِهِ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيْهِ أَقُولُ قَوْلِي هَذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُمْ .
الخطبة الثانية
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحمَدُهُ ونَستَعِينُهُ ونَستَهْدِيهِ ونَشْكُرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَن يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ على سَيِّدِنا محمّدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمِينِ وعَلى إِخْوانِهِ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِين. وَرَضِيَ اللهُ عَنْ أُمَّهاتِ الْمُؤْمِنينَ وَءالِ البَيْتِ الطَّاهِرينَ وَعَنِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ أَبي بَكْرٍ وعُمَرَ وَعُثْمانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبي حَنِيفَةَ ومالِكٍ والشافِعِيِّ وأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ والصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فَٱتَّقُوهُ.
وَٱعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى نِبِيِّهِ الكَرِيمِ فَقالَ ﴿إِنَّ اللهَ ومَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (٥٦)﴾ [سورة الأحزاب /56]. اَللَّهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا محمدٍ وعلى ءالِ سيدِنا محمدٍ كَمَا صَلَّيْتَ على سيدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِ سيدِنا محمدٍ كَمَا بارَكْتَ على سيدِنا إِبراهيمَ وعلى ءالِ سيدِنا إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللـهم اهـدِنا فيمَن هـديت .. وعافـِنا فيمـَن عافـيت .. وتولنا فيمن توليت .. وبارك لنا فيما أعطيت .. وقِـنا شـر ما قضيت .. إنك تقضي ولا يـُقضى عليك.. إنه لا يذل مَن واليت .. ولا يعـِـزُ من عاديت .. تباركت ربنا وتعـاليت .. ولك الحمد على ما قـضيت .. ولك الشكر على ما أعـطيت .. نستغـفـُرك اللـهم من جميع الذنوب والخطـايا ونتوب إليك.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معـصيتك .. ومن طاعـتك ما تبلّـغـُـنا به جنتَـك .. ومن اليقـين ما تُهـّون به عـلينا مصائبَ الدنيا .. ومتـّعـنا اللهم باسماعِـنا وأبصارِنا وقـوّاتـِنا ما أبقـيتنا .. واجعـلهُ الوارثَ منـّا .. واجعـل ثأرنا على من ظلمنا.. وانصُرنا على من عادانا .. ولا تجعـل مصيبـتَـنا في ديـننا .. ولا تجعـل الدنيا أكبرَ هـمِنا .. ولا مبلغَ علمِنا .. ولا إِلى النار مصيرنا .. واجعـل الجنة هي دارنا .. ولا تُسلّط عـلينا بذنوبـِنا من لايخافـُـك فينا ولا يرحمـنا.. وأعـتـق رقابنـا من النـار .
اللـهم تـقبـل منـا إِنك أنت السميـع العـليم .. وتُب علينا إِنك أنت التواب الرحيم اللهـم أحـسِـن عاقبتنا في الأمـور كلـها .. وأجِـرْنا من خِـزي الدُّنيا وعـذاب الآخـرة اللهـم إِنا نسألك إِيمانـًا كاملاً .. ويقـينـًا صادقـًا .. وقـلبًا خاشعًا .. ولسانًا ذاكرًا .. وتوبة نصوحة .. وتوبة قبل الموت .. وراحة عند الموت .. والعـفـو عـند الحساب .. ونسألك الجنةَ ونعـيمَها .. ونعـوذ بك من النار .. يارب العـالمين. يا ذا الجلال والاكـرام. اللهم اغـفـر لنا ذنوبنا ... اللهُـم إِنا نسألك عـيشةً نقـيةً .. وميتةً سويةً .. ومـَرَداً غـير مخـزٍ ولا فـاضِـح اللـهُم إِنا نعـوذ ُ بك من زوال نعـمتِك .. وتحـوّل عافيتـِك .. وفَجأةِ نِقـمتـِك .. وجميعِ سَخطـِك اللـهم إِنا نعـوذ ُ بك من يومِ السوء .. ومن ليلةِ السوء .. ومن ساعةِ السوء .. ومن صاحبِ السوء .. ومن جـار السوء. اللـهم إِنـا عـبيدُك .. بنو عبيدك .. بنو إِمائك .. نواصِـينا بيدك .. ماضٍ فـينا حُكمك .. عـدلٌ فينا قضاؤك .. نسألك بكلِ اسم هـو لك .. سمّيتَ به نفـسَـك .. أو أنزلتـَهُ في كتابك .. أو عـلّمته أحـداً من خلقـِك .. أو استأثرت به في عـِلم الغـيبِ عندك .. أن تجعـل القرآن الكريم ربيعَ قلوبنا .. ونورَ صدورنا ..وجَلاء حُـزننا .. وذهاب هـمِنا وغـمِنا.
يَقولُ اللهُ تَعالى ﴿يَا أَيُّها النَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ(٢)﴾ [سُورَةُ الْحَجِّ / 1-2]، اَللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْناكَ فَٱسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فَٱغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنا ذُنُوبَنَا وَإِسْرافَنا في أَمْرِنا اللَّهُمَّ ٱغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَٱجْعَلْنَا مِنَ الْمُتَّقِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْنا لِحُبِّ الخَيْرِ لِإِخْوانِنا اللَّهُمَّ وٱجْعَلْنا مِنَ الْمُتَحَابِّينَ فِيكَ وَالْمُتَنَاصِحِينَ فِيكَ وَالْمُتَباذِلِينَ فِيك، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإِيمانِ ولا تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ ءامَنُوا، رَبَّنا ءاتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذابَ النَّارِ اللَّهُمَّ ٱجْعَلْنَا هُداةً مُهْتَدينَ غَيْرَ ضالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ ٱسْتُرْ عَوْراتِنا وَءَامِنْ رَوْعاتِنا وَٱكْفِنا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ ما نَتَخَوَّفُ . عِبادَ اللهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَٱشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَٱسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَٱتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنَ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.
https://www.islam.ms/ar/?p=269