تفسير القرآن كاملا: من تفسير النسفي: مدارك التنزيل وحقائق التأويل.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف أبو البركات عبدُ الله بنُ أحمد بنِ محمودٍ الّنسفي (710هـ) رحمه الله : بسم الله الرحمن الرحيم هو حسبي، لا إله إلا هو، عليه توكلت، وصلى الله على سيدنا محمد وسلم.
الحمد لله المنزِّه بذاته عن إشارة الأوهام (معناه ذاته لا يشار إليه) المقدسِ بصفاته عن إدراك العقول والأفهام (وصفاته لا تدركها العقول والأوهام أي لا تحيط بها)، المتصف بالألوهية قبل كل موجود (المعنى أنّ ألوهيّة الله أزليّة ليست حدثت فيه بحدوث الخلق) الباقي بالنعوتِ السرمديّةِ بعد كلِّ محدود (المحدود الشيءُ الذي له كمّيّةٌ) الملكِ المتكبر (المتكبِّر بمعنى الكبير لكن أبلغ من الكبير وذلك للزّيادة في الحروفِ) الذي أزاحت َسَطَواتُ كبريائه الأفكار (معنى أزاحت سطوات كبريائه الأفكار منعتها من أن تصلَ إلى معرفةِ حقيقتِهِ) القديم الذي تعالى عن مماثلة الحِدثان، العظيم الذي تنزّه عن مُماسّة المكانِ، المتعالي عن مضاهاةِ الأجسامِ (أي مشابهتِها) ومشابهة الأنامِ (الأنامُ الخلقُ هذا تخصيصٌ بعد تعميم) القادر الذي لا يشار إليه بالتكييف، القاهر الذي لا يسأل عن التحميل والتكليف (التّحميل والتّكليف بمعنى واحد. للتفسير عطفها) العليم الذي خلق الإنسان، وعلّمه البيان، الحكيم الذي نزل القرآن شفاء للأرواح والأبدان.
والصلاة والسلام على المستلِّ من أُرومة (الأُرُومة الأصل) البلاغة والبراعة، المحتلِ في بُحبوحة النصاحة والفصاحة، محمد المبعوث إلى خليقته، الداعي إلى الحق وطريقته. صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وشيعته (الشّيعة معناه الأتباع والأنصار).
قد سألني من تتعيّنُ إجابتُه كتابًا وسَطًا في التأويلات، جامعًا لوجوه الإعرابِ والقراءاتِ، متضمِّنا لدقائقِ علمَي البديعِ والإشاراتِ حالِيا (أي متزيّنًا) بأقاويلِ أهلِ السُّنة والجماعة، خاليًا عن أباطيلِ أهلِ البدعِ والضّلالة، ليس بالطّويلِ المملِّ، ولا بالقصير المخلِّ.
وكنت أقدّمُ فيه رِجلًا وأؤخّر أخرى استقصارًا لقُوّةِ البشرِ، عن درك هذا الوطَرِ وأخذًا بسبيلِ الحذرِ، عن ركوب متنِ الخَطر (المتن هو الظَّهرً) حتى شَرعتُ فيه بتوفيق الله والعوائقُ كثيرةٌ وأتممته في مدّةٍ يسيرةٍ، وسميته بـ: "مَدارك التنزيل، وحقائق التأويل" وهو الميسِّر لكلّ عسيرٍ، وهو على ما يشاءُ قديرٌ، وبالإجابةِ جديرٌ.
https://www.islam.ms/ar/?p=874