تفسير سورة البينة آية 6 - 7

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ 7 - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أَيْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى الْكُفَّارِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بِالْخُلُودِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الأَحْزَابِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ وَعَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي أَلَّفَهَا لِبَيَانِ عَقِيدَةِ السَّلَفِ وَالَّتِي بَدَأَهَا بِقَوْلِهِ: "هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ". وَفِيهَا قَوْلُهُ: "وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لا تَفْنَيَانِ أَبَدًا وَلا تَبِيدَانِ".

وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ بُطْلانُ قَوْلِ ابْنِ تَيْمِيَةَ الْحَرَّانِيِّ الَّذِي قَالَ بِفَنَاءِ النَّارِ كَمَا أَثْبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّة فِي كِتَابِهِ حَادِي الأَرْوَاحِ إِلَى بِلادِ الأَفْرَاحِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ مَرَاتِبِ الإِجْمَاعِ مَا نَصُّهُ: "بَابُ الإِجْمَاعِ فِي الاعْتِقَادَاتِ يَكْفُرُ مَنْ خَالَفَهُ بِإِجْمَاعٍ: وَاتَّفَقُوا - أَيْ أَهْلُ الْحَقِّ - أَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّهَا دَارُ عَذَابٍ أَبَدًا، لا تَفْنَى وَلا يَفْنَى أَهْلُهَا أَبَدًا بِلا نِهَايَةٍ" اهـ.

وَاللَّهُ تَعَالَى بَدَأَ بِذِكْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِنَايَتُهُمْ أَعْظَمُ لأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ أَيْ شَرُّ الْخَلِيقَةِ وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أَيْ مِنَ الَّذِينَ عَاصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي كُفَّارِ الأُمَمِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ هَؤُلاءِ كَفِرْعَوْنَ وَعَاقِرِ نَاقَةِ صَالِحٍ.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ  أَيْ خَيْرُ الْخَلِيقَةِ.

وَنَافِعٌ يَهْمِزُهُمَا وَالْقُرَّاءُ عَلَى التَّخْفِيفِ وَ"اَلنَّبِيُّ" وَ"اَلْبَرِيَّةُ" مِمَّا اسْتَمَرَّ الِاسْتِعْمَالُ عَلَى تَخْفِيفِهِ وَرَفْضِ الْأَصْلِ .

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير قرآن كامل تفسير سورة البينة آية 6 - 7