تفسير سورة البقرة آية 47 - 48
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
47 - يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ التَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ نُصِبَ عَطْفٌ عَلَى نِعْمَتِي، أَيِ: اذْكُرُوا نِعْمَتِي وَتَفْضِيلِي عَلَى الْعَالَمِينَ عَلَى الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ: رَأَيْتُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ، وَالْمُرَادُ: الْكَثْرَةُ.
(معناه فضّلناكم على خلقٍ كثيرٍ أي أجدادكم الذين كانوا مسلمين ، اذكروا ذلك وكونوا مثلَهم بالإيمانِ بمحمّدٍ ، إن آمنتم بمحمّدٍ صرتم مثل أجدادكم المؤمنين ، أمّا هؤلاء الذين اليوم والذين كانوا في زمن النّبيّ ثمّ عاندوا فكذّبوا ، أولئك ليس لهم فضلٌ)
وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ
48 - وَاتَّقُوا يَوْمًا أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ مَفْعُولٌ بِهِ، لَا ظَرْفٌ لا تَجْزِي نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ عَنْ نَفْسٍ كَافِرَةٍ شَيْئًا أَيْ: لَا تَقْضِي عَنْهَا شَيْئًا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي لَزِمَتْهَا. وَ "شَيْئًا" مَفْعُولٌ بِهِ، أَوْ مَصْدَرٌ، أَيْ: قَلِيلًا مِنَ الْجَزَاءِ. وَالْجُمْلَةُ مَنْصُوبَةُ الْمَحَلِّ صِفَةُ يَوْمًا، وَالْعَائِدُ مِنْهَا إِلَى الْمَوْصُوفِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيره: لَا تَجْزِي فِيهِ
وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ (وَلَا تُقْبَلُ) بِالتَّاءِ، مَكِّيٌّ وَبَصْرِيٌّ. وَالضَّمِيرُ فِي "مِنْهَا" يَرْجِعُ إِلَى النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ، أَيْ: لَا تُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ لِلْكَافِرَةِ. وَقِيلَ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَزْعُمُ أَنَّ آبَاءَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ يَشْفَعُونَ لَهُمْ فَأُويِسُوا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [الْمُدَّثِّرُ: 48].
وَتَشَبُّثُ الْمُعْتَزِلَةِ بِالْآيَةِ فِي نَفْيِ الشَّفَاعَةِ لِلْعُصَاةِ مَرْدُودٌ ؛ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ شَفَاعَةُ الْكُفَّارِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي".
وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ أَيْ: فِدْيَةٌ ؛ لِأَنَّهَا مُعَادِلَةٌ لِلْمَفْدِيِّ.
وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يُعَانُونَ. وَجُمِعَ لِدِلَالَةِ النَّفْسِ الْمُنَكَّرَةِ عَلَى النُّفُوسِ الْكَثِيرَةِ، وَذُكِّرَ لِمَعْنَى الْعِبَادِ أَوِ الْأَنَاسِيِّ.
https://www.islam.ms/ar/?p=932