تفسير سورة البقرة آية 254
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ
254 - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ أَيْ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا تَقْدِرُونَ فِيهِ عَلَى تَدَارُكِ مَا فَاتَكُمْ مِنَ الْإِنْفَاقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ فِيهِ حَتَّى تَبْتَاعُوا مَا تُنْفِقُونَهُ. وَلا خُلَّةٌ حَتَّى يُسَامِحَكُمْ أَخِلَّاؤُكُمْ بِهِ، وَلا شَفَاعَةٌ أَيْ: لِلْكَافِرِينَ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَلَهُمْ شَفَاعَةٌ، أَوْ (ولا شفاعةٌ أي) إِلَّا بِإِذْنِهِ.
وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِتَرْكِهِمُ التَّقْدِيمَ لِيَوْمِ حَاجَاتِهِمْ، أَوِ الْكَافِرُونَ بِهَذَا الْيَوْمِ هُمُ الظَّالِمُونَ. (لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا خُلَّةَ وَلَا شَفَاعَةَ) مَكِّيٌّ، وَبَصْرِيٌّ.
("والكافِرونَ همُ الظّالمون" أي أنّ الكفرَ مُنتَهى الظُّلم، فكلُّ ظُلمٍ دونَ ذلكَ مما يحصُل مِنَ المسلِم فهوَ كلا شَىء بالنِّسبةِ لظُلمِ الكافِر، لذلكَ اللهُ تَبارك وتعالى قال: "والكافِرونَ همُ الظّالمون".معناهُ الذي يظلِمُ وهو مُسلِم بأكلِ مالٍ بالباطِل أو بضربٍ بغَير حقٍّ كلُّ ذلكَ كلا شَىء بالنسبةِ للكفر، لماذا، لأن ظُلمَ المسلمِ اللهُ تَعالى يَغفرُه لمن يشَاءُ مِنهُم ولا يُعذّبهُم.
"والكافرونَ همُ الظّالمون"معناه همُ الطّبقَةُ العُليا في الظّلم. فُظُلْمُ الْكَافِرِ بِكُفْرِهِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ آلافَ الآلافِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلالٍ لِقَتْلِهِمْ. اللهُ تعالى أفهمَنا بهذه الآيةِ وغيرِها أنّ الكُفرَ هوَ الظُّلمُ الكاملُ وما سِوى الكفرِ مِنَ الظّلم فهو شىءٌ صَغيرٌ شَىءٌ قليلٌ بالنِّسبةِ للكفر، والكافرونَ همُ الظّالمون أي بكُفرِهم "والكافِرُونَ همُ الظّالمونَ" أي الأشَدُّ ظُلمًا)
https://www.islam.ms/ar/?p=1111