يَحرمُ الاستِهانةُ بما عظَّمَ الله والتصغيرُ لِمَا عظَّمَ الله
يَحرمُ الاستِهانةُ بما عظَّمَ الله والتصغيرُ لِمَا عظَّمَ الله
ومِن معاصِي القلب الاستِهانةُ بما عظَّمَ الله والتصغيرُ لِمَا عظَّمَ الله مِنْ طاعةٍ وكذلك الاستهانة بمعصيةٍ أو قُرءانٍ أو علْمٍ أو جنّةٍ أو نارٍ
الشرح أن مِن معاصِي القلب قِلَّةَ المبالاةِ بما عَظَّمَ الله تعالى مِنَ الأُمور كأَنْ يحتقرَ الجنّةَ كقولِ بعضِ الدَجاجِلَةِ المُتصَوّفة "الجنّةُ لُعبَةُ الصِّبيانِ" وقولِ بَعضِهِم "الجَنّة خَشْخاشَة الصِبيان" وهذا حكمُه الرِدّةُ. أنظر: كَيْفَ يُحَافِظُ المُسْلِمُ عَلَى إيـمَانِهِ. ومنْ ذلك قولُ بعضِهم "جَهنَّمُ مستشفى" أي محَلُّ طِبابة وعِلاج وتَنظِيف ليسَت محَلَّ عِقابٍ وتَعذِيبٍ وذلكَ إلحَادٌ وكفرٌ، وهذا قول جماعة أمين شيخو الدمشقي الذين زعيمهم اليوم عبد الهادي الباني فعلى زعمهم التعذيب لا يجوز وصف الله به ويقولون عن الآية ﴿شديدِ العقاب﴾ [سورة غافر الآية ٢]. معناه شديد التعقب، ويقولون إن الأنبياءَ لم يُقتل أحد منهم ويزعُمون أن قول الله تعالى ﴿وقَتْلِهِمُ الأنبياءَ﴾ [سورة ءال عمران الآية ١٨١] معناه "قَتْلُ الكفارِ دعوتَهُمْ" ويقولون "الأنبياء لا يصابون بجروح بسلاح الكفار" وينكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رَبَاعِيَتُهُ وشُجَّ وجهه [ وقد روى البخاري في صحيحه باب اللهو بالحراب ونحوها عن سهل قال «لما كُسرت بيضة النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه وأُدمي وجهه وكسرت رباعيته وكان علي يختلف بالماء في المجن وكانت فاطمة تغسله فلما رأت الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير فأحرقتها وألصقتها على جرحه فرقأ الدم» اﻫ ]، ويقولون "الله شاء السعادة لجميع خلقه" وهذا قول المعتزلةِ لا أهلِ السنة ويقولون "علم الدين يؤخذ من قلوب مشايخهم النقشبنديين من قلب إلى قلب وليس من الكتب" فهؤلاء يجب الحذر والتحذير منهم ومن أمثالهم. [الطريقة النقشبندية طريقة مستقيمة في أصلها من طرق أهل الله لكن قسمٌ من المنتسبين إليها شذوا كجماعة أمين شيخو]. [قال الشيخ أبو الهدى الصيادي في كتابه مراحل السالكين "كما قال كثير من الوجودية كُمَّلُ الأولياء يأخذون العلم من المعدن الذي أخذ منه الأنبياء والرسل من ذلك المعدن فالعلم الذي أخذ بواسطة الرواة والأسانيد ليس بعلم وهذا هو الضلال البعيد والعصيان الذي ما عليه من مزيد" اﻫ]
ولا يجوز أن يقال عن معصية من المعاصي كبيرةً أو صغيرةً "معليش" وهي في اللغة العامية معناها لا بأس بذلك فمن قال عن معصية وهو يعلم أنها معصية هذه الكلمة بمعنى لا بأس فهو مكذب للدين فيكون مرتدًا. أنظر: كَيْفَ يُحَافِظُ المُسْلِمُ عَلَى إيـمَانِهِ.
ومنْ جملة المَعاصي القَلبيّة الاستهانةُ بشىء منَ القرءان أو بشىء منْ علم الشّرع أي عِلم الدّين أو بالجنّةِ أو النارِ وقد ذكَرْنا بعضَ الأمثِلة للاستهانةِ بالجَنّة والنارِ، وأمّا الاستهانةُ بالقرءانِ فكمثل ما رواه الإمام عبد الكريم القشيري في الرسالة أن عَمْرَو بنَ عثمانَ المكيَّ صوفيَّ مكةَ في عصره رأى الحلاج الحسين بن منصور يكتب شيئًا فقال له ما هذا فقال هذا شىء أعارض به القرءان فمقته بعد أن كان يُحَسّنُ به الظن وصار يلعنه ويحذر منه حتى بعد أن غادر الحلاج مكة فإنه كان يكتب في التحذير منه إلى الناحية التي يَحُلُّ بها الحلاج، وكالذي حصل مِن بعض التّجَّانيّة في الحبشةِ من إظهارِ الاستغناءِ بصلاةِ الفاتح عن القرءانِ حتى قال قائلُهم بكلامِهم ما معناه ما لَكُم تحمِلُون هذا الرغيفَ الثّقيلَ يعني القرءانَ ونحنُ بغُنْيةٍ عنه بصلاةِ الفاتحِ، وصلاةُ الفاتح هي كلمةٌ وجِيزةٌ وهيَ هذهِ الصيغةُ "اللّهمَّ صَلِّ على سيّدِنا محمدٍ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ الخاتِم لِما سَبَقَ ناصِر الحَقّ بالحقّ والهادِي إلى صِراطِك المستقيمِ وعلى ءالهِ وصحبِه حقَّ قدرِهِ ومِقدارِهِ العظيم" وهي في الأصل مِن تأليفِ الشيخ مصطفى البَكريّ الصُوفيِ ثم استَعملَها كثيرٌ من التّجانيّة واعتبر قسم منهم المرَّة الواحِدَة منها تعدِلُ سِتّةَ ءالافِ خَتْمَةٍ منَ القرءان وادّعَوْا أنَّ ذلك مِما شافَهَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم يقظةً الشيخَ أبا العباسِ التّجّانيَّ الذي تنتَسِبُ إليه التّجانيّةُ، على أنّنا لا نجزِم بأن الشيخَ أبا العبّاس هو القائلُ لِما يَدَّعونه لاحتمال أن يكونوا قد كذبوا عليه.
- أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن أبو الأسعد القشيري النيسابوري خطيب نيسابور وكبير القشيرية في وقته. كان أسند من بقي بخراسان وأعلاهم رواية. حدث عن أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف وأبي بكر محمد بن أحمد بن عبدوس المزكي وأبي بكر محمد بن الحسن بن فورك وأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم في ءاخرين. صنف كتبًا في علوم الصوفية. روى عنه ابن عساكر وابن السمعاني وءاخرون وكانت الرحلة إليه. قال أبو سعد السمعاني ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة وتوفي في سادس عشر ربيع الآخر من سنة خمس وستين وأربعمائة بنيسابور.
انظر الأعلام والتقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد.
- عمرو بن عثمان بن كرب أبو عبد الله المكي صوفيٌّ عالمٌ بالأصول من أهل مكة. له مصنفات في التصوف وأجوبة لطيفة في العبارات والاشارات. قال أبو نعيم معدود في الأولياء أحكم الأصول وأخلص في الوصول. من أقواله ثلاثة أشياء من صفات الأولياء الرجوع إلى الله في كل شىء والفقر إلى الله في كل شىء والثقة به في كل شىء وقال عمرو اعلم أن كل ما توهمه قلبك أو سنح في مجاري فكرتك أو خطر في معارضات قلبك من حسن أو بهاء أو أنس اوضياء أو جمال أو شبح أو نور أو شخص أو خيال فالله بعيد من ذلك كله بل هو أعظم وأجل وأكبر ألا تسمع إلى قوله ﴿ليس كمثله شىء﴾ وقال ﴿لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد﴾. وقال المروءة التغافل عن زلل الاخوان. زار أصبهان ومات سنة 297 ﻫ ببغداد وقيل بمكة. انظر الأعلام وتاريخ بغداد.
- الحلاج الحسين بن منصور أصله من بيضاء فارس ونشأ بواسط العراق أو بتستر وانتقل إلى البصرة، وظهر أمره سنة 299 ﻫ. كان من القائلين بالحلول فكفره العلماء وأفتى القاضي أبو عمر المالكي في أيام الخليفة المقتدر بالله بردته ووجوب قتله فقطعت أطرافه ثم قطعت رقبته ثم أحرق ثم ذر رماده في دجلة وكان ذلك سنة 309 ﻫ انظر سير أعلام النبلاء وتاريخ بغداد والأعلام.
- قال القشيري في الرسالة القشيرية في باب الشوق ومن المشهور أن عمرو بن عثمان المكي رأى الحسين بن منصور أي الحلاج يكتب شيئًا فقال ما هذا فقال هو ذا أعارض القرءان فدعا عليه وهجره اﻫ
- وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي أن عمرو بن عثمان لم يزل يكتب الكتب إلى نواحٍ يحذّر منه اﻫ
- أبو العباسِ التّجّاني هو أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد بن محمد وأمه عائشة بنت محمد ابن السنوسي التجاني. ولد سنة ١١٥٠ ﻫ في قرية عين ماضي ودفن في فاس سنة ١٢٣٠ ﻫ. جده أحمد بن محمد أول من نـزل عين ماضي وتزوج من تجّان فنسبت ذريته إلى أخوالهم. يصل نسبه إلى مولانا محمد النفس الزكية ابن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن عليّ بن أبي طالب.
ولمزيد اطلاع على مقالات التجانية الشاذة عليك بكتاب مشتهى الخارف الجاني للشيخ محمد الخضر الشنقيطي جمعه من كلامه بعض طلابه بإشارته.
https://www.islam.ms/ar/?p=817