نواقض الوضوء في المذهب المالكي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد،
فصلٌ نواقضُ الوضوءِ أحداثٌ وأسبابٌ وما يَؤُولُ إلى الحدثِ فالأحداثُ خمسةُ أشياءَ البولُ والغائطُ والريحُ والوَدْيُ والمذْيُ وأما الأسبابُ فثمانيةٌ السُّكْرُ والجنونُ والإغماءُ والنومُ الثقيلُ ولمسُ ذكرٍ أنثى بلذةٍ أو بقصدِها وكذا قُبلتُها ومسُّ الرجلِ ذَكَرَهُ ومسُّ المرأةِ فرجَها وأما ما يَؤُول إلى الحدثِ فالردةُ والشكُّ فى الحدثِ.
نواقضُ الوضوءِ في المذهب المالكي خمسةَ عشرَ
(فصلٌ) (نواقضُ الوضوءِ) خمسةَ عشرَ وهى (أحداثٌ وأسبابٌ وما يَؤُولُ إلى الحدثِ فالأحداثُ) وهى الخارجُ المعتادُ من السبيلين [أي على سبيل العادة] (خمسةُ أشياءَ البولُ والغائطُ والريحُ) بصوتٍ وبغير صوتٍ (والوَدْيُ) وهو ماء أبيض خاثر [ثخين] يخرج بإثر البول (والمذْيُ) وهو ماءٌ أبيضُ رقيقٌ يخرج عند الالتذاذ [فيجبُ بخروج المذْيِ الوضوءُ وغسلُ كلّ الذكر بنية لحديث مسلمٍ مرفوعًا يغسل ذكرَهُ ويتوضَّأُ اﻫ] فإن خرج الخارجُ المعتاد من أحد السبيلين على غير العادة كسَلَسِ بولٍ وسَلَسِ مَذْيٍ إتيانُهُما أكثرُ من انقطاعِهِما أو هما متساويان [فإن كان زمنُ وجوده أقلَّ من زمن عدم وجوده في وقت الصلاة الذي هو من الزوال إلى شروق الشمس نقض الوضوء.] أو خرج غيرُ المعتادِ كحصًى ودودٍ [أي متولدَين في البطن] لم ينتقضِ الوضوءُ ومنها المنىُّ في بعض صوره (وأما الأسبابُ فثمانيةٌ السُّكْرُ والجنونُ والإغماءُ) فتنقضُ الوضوءَ بلا خلافٍ طالتْ أو قَصُرَتْ (والنومُ الثقيلُ) [فإن نام نومًا ثقيلا على هيئةٍ لا يتهيّأُ معها خروج الحدث فقد قال في "الفواكه الدواني" ظاهرُ كلامِ المصنفِ كخليلٍ النقضُ بالنوم الثقيل ولو كان النائمُ الجالسُ متمكنًا ومستقرًا وهو الذي يترجحُ عندي اعتمادُهُ اﻫ] لأنه سببٌ في خروج الريح [ومن علامات النوم الثقيل أن تنحلَّ حَبْوته التي تنفكّ بالنوم وأن يسيل لعابه وأن تسقط السبحة من يده وأن يُكَلَّمَ من قربٍ ولا يتفطَّنَ لشىءٍ من ذلك وأما النوم الخفيف فلا ينقض وإن طال ولكن يُستحبُّ الوضوء منه.] وقيل إن النومَ ينقضُ مطلقًا إلا أن ينامَ على هيئةٍ لا يتهيّأ معها خروج الحدث كالنوم جالسًا لا مضطجعًا ونحوَهُ (ولمسُ ذكرٍ) بالغٍ (أنثى) أجنبيةً تُشتَهَى ولو زوجتَهُ (بلذةٍ) [أي مع وجود اللذة. ولهذا قيد بالبالغ فإن غير البالغ لا يقصد اللذة ولا يجدها.] ولو من وراء حائلٍ خفيفًا كان أم كثيفًا ويَسْتَوِى في اعتبار اللذةِ اللامسُ والملموسُ (أو بقصدِها) أي بقصدِ اللَّذَّةِ ولو لم يَجِدْها (وكذا قُبلتُها) أي بلذةٍ أو بقصدها وإن لم يجدْها فإن كانت على الفمِ نقضت مطلقًا لأنها مظِنّة اللذة غالبًا (ومسُّ الرجلِ) أي البالغ (ذَكَرَهُ) بباطنِ الكفّ وجَنْبِها وباطن الأصابع وجنبها بلا حائلٍ ولا ينقض مسُّ الصبيّ ذَكَرَهُ ولا مَسُّ ذكر البهيمة (ومسُّ المرأةِ فرجَها) إن أَلْطَفَتْ أي أدخلتْ إصبعها بين شُفْرَيْ فرجها [وهو روايةُ ابنِ أبى أُوَيْسِ وفى المدونة عدمُ النقضِ بمسّ المرأةِ فرجَهَا وروايةُ ابن زياد النقض ألطفت أم لم تلطف فقال بعضهم في المذهب ثلاثة أقوال وقال بعضهم رواية ابن أبى أويس تفسير للقولين الآخرين فمن قال بالنقض فمعناه إذا ألطفَتْ ومن قال بِعَدَمِهِ فمعناه إذا لم تُلْطِفْ فليس إلا قولٌ واحدٌ فيه تفصيلٌ إن ألطفتِ انتقضَ وإلا فلا وهو الذي ذكره في نظم ابن عاشر.] ولا ينقض مسُّ الدبر (وأما ما يَؤُول إلى الحدثِ فالردةُ) وهو قطعُ الإسلامِ باعتقادِ كُفْرٍ أو قولِهِ أو فعلِهِ فهي ناقضةٌ على المشهورِ وذلك أنّ الردة محبطةٌ للعمل ومن جملته الوضوء فَيَؤُولُ أمره إلى ما قبل الوضوء (والشكُّ في الحدثِ) وله صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَخَيَّلَ لَهُ الشَّىْءُ فلا يَدْرِى مَا حقيقتُهُ أَهُوَ حَدَثٌ أو لا فظاهرُ المذهبِ أنه لا شىْءَ عَلَيْهِ [وفى "شرح الخرشىّ على مختصر خليل" قال مالكٌ في المجْمُوعَةِ فِيمَنْ وَجَدَ بَلَلا وَشَكَّ فِيهِ فلم يَدْرِ منَ الماءِ هُوَ أو من البولِ أرجُو أن لا يكونَ عَلَيْهِ شَىْءٌ وما سمعتُ مَنْ أعادَ الوضوءَ مِنْ مثلِ هذا وإذا فعلَ هذا تَمَادَى بِهِ يُرِيدُ أنه تَأْخُذُهُ الوَسْوَسَةُ اﻫ] والأُخْرَى أن يَشُكَّ من غير تخيُّلٍ هل بَالَ أو تَغَوَّطَ وَشِبْهُهُ فمَنْ تيقَّنَ الوضوءَ ثم شَكَّ هَلْ أحْدَثَ بَعْدَ وُضُوئِهِ فالمذهبُ أنَّهُ يَتَوَضَّأُ وجوبًا إلا أن يكون مستنكِحًا أيْ مُوَسْوِسًا [في "الشرح الكبير" للدردير أنَّ الشك المستنكِحَ بكسر الكاف هو الذي يعترِى صاحبَهُ كثيرًا بأن يأتيَ كلَّ يومٍ ولو مرةً فلا ينقض اهـ] فلا شىءَ عليه، هذا في مَنِ اعتراه الشَّكُّ قبلَ الدخولِ في الصلاة وأما من شكَّ في طروءِ الحدثِ وهو فيها أَوْ بَعْدَهَا فلا يخرجُ منها ولا يُعِيدُهَا إلا بِيَقِينٍ لأنه شكٌّ طرأ بَعْدَ تَيَقُّنِ سلامةِ العبادةِ [قاله في "شرح الخرشيّ على خليل". وقال في "الشرح الكبير" للدردير في مَن طرأ عليه الشك في أثناء صلاته بعد أن دخلها جازمًا بالطهر هل انتقض قبل دخولها أو بعده أو لا إنه يجب عليه التمادي فيها ثم إذا بانَ أي ظهرَ له الطُّهْرُ فيها أو بعدها لم يُعِدْ صلاتَهُ لبقاء الطهارة في نفس الأمر وإن استمرَّ على شكّهِ أعادها لنقض وضوئه ولا يعيدُ مأمومُهُ كالنّاسي اﻫ].
https://www.islam.ms/ar/?p=883