قصة نبي الله عيسى عليه السلام: أقواله، معجزاته، ونزوله قبل يوم القيامة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين
من حكم وأقوال نبي الله عيسى عليه السلام، وقصة رفعه إلى السماء، وبشرى نزوله في آخر الزمان كعلامة من علامات الساعة، كما ورد في القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد ﷺ.
من أقوال نبي الله عيسى عليه السلام وحكمه
روي أن عيسى ابن مريم عليهما السلام وقف هو وأصحابه على قبر فجعل أصحابه يذكرون القبر وضيقه فقال لهم عليه السلام: قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم، فإذا أحب الله أن يوسِّع وسَّع.
وورد أن عيسى عليه السلام قال في أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم: علماء حلماء بررة أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء.
وورد أن عيسى المسيح عليه السلام قال يومًا لتلاميذه الحواريين: كلوا خبز الشعير واشربوا الماء القراح واخرجوا من الدنيا سالمين ءامنين، بحق ما أقول لكم إنّ حلاوة الدنيا مرارة الآخرة وإن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة.
وورد أنه قيل له: من أشدُّ الناس فتنة ؟ فقال: زلة العالم، فإن العالم إذا زلّ يزل بزلته عالم كثير.
ومن حكمه عليه السلام أنه قال: لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنازير فإن الخنزير لا تصنع باللؤلؤ شيئًا، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها.
وروي عنه عليه السلام في ذم علماء السوء الذين لا يعملون بما يعلمون: يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم، قولكم شفاء وعملكم داء، مثلكم مثل شجرة الدّفلى نبت مر قاتل تعجب من رءاها وتقتل من أكلها.
وروي عنه أنه قال: طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته وحفظ لسانه ووسعه بيته.
ذكر مكيدة بعض الكفار ورفع عيسى عليه السلام إلى السماء وبيان أنه لم يقتل ولم يصلب
قال الله تبارك وتعالى﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ*رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ*وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾استمر أكثر بني إسرائيل على كفرهم وضلالهم وعنادهم وءامن بعيسى عليه السلام القليل، وكان منهم طائفة صالحة كانوا له أنصارًا وأعوانًا قاموا بمتابعته ونصرته وإعانته على نشر دين الإسلام الحق الذي أرسله الله تبارك وتعالى ليدعو إليه، ولما أخذت دعوته تنتشر ويكثر أتباعه ومناصروه حسده بعض الكفار وتآمروا عليه وأخذوا يدبرون مكيدة لقتله والتخلص منه، فوشوا به إلى بعض ملوك الزمان وعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله تبارك وتعالى من مكيدتهم ومكرهم ورفعه إلى السماء من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدون أنه عيسى عليه السلام وهم في ذلك غالطون، قال الله تبارك وتعالى في الرد على الذين زعموا أنهم قتلوا نبي الله عيسى عليه السلام:﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾سورة النساء.
وورد في قصة رفع نبي الله عيسى عليه السلام إلى السماء أنه قبل أن يدخل الكفار على المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام كان عليه السلام مع اثني عشر من أصحابه وتلاميذه في بيت فقال لهم: إن منكم من يكفر بي بعد أن ءامن، ثم قال لهم: أيكم يُلقى عليه شبهي ويُقتل مكاني فيكون رفيقي في الجنة ؟
فقام شاب أحدثهم سنًا فقال: أنا، قال اجلس، ثم أعاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب وقال: أنا.ثم أعاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب الثالثة، فقال عليه السلام: أنت هو، وألقى الله سبحانه وتعالى شبه عيسى عليه السلام على هذا الشاب، فدخل بعض الكفار البيت وأخذوا الشاب فقتل وصلب بعد أن رفع عيسى عليه السلام من روزنة في البيت-وهي نافذة في أعلى الحائط-إلى السماء وأهل البيت ينظرون.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ* إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ سورة ءال عمران.
ومعنى قول الله تعالى: ﴿مُتَوَفِّيكَ﴾ أي قابضك إلى السماء وأنت حي يقظان، ويجوز أن يفسر بأن هذا من باب المقدم والمؤخر فكأن السياق إني رافعك ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك أي مميتك، فعلى هذا التفسير وهو تفسير ابن عباس يكون متوفيك معناه مميتك، أي بعد رفعك إلى السماء وإنزالك.
وقوله تعالى: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي جاعل من اتبعك على الإسلام والتوحيد وهم من بقي بعد رفعه إلى السماء على الإسلام ثم بعد انقراضهم أمة محمد لأن هؤلاء هم متبعوا عيسى على ما جاء به من توحيد الله وسائر أصول العقيدة والأحكام التي اتفقت عليها شرائع الأنبياء فإنهم فوق الكافرين من حيث المعنى والحكم فإن من معه الحق فهو فوق غيره، وفي هذه الآية دلالة على أن أمة محمد ءاخر الأمم المسلمة أتباع الأنبياء في الإسلام والتوحيد وأنهم يبقون إلى نهاية الدنيا.
بيان نزول عيسى عليه السلام من السماء قبل يوم القيامة وأنه من علامات الساعة
ليعلم أنه ورد في الشريعة أن من علامات قرب قيام الساعة نزول عيسى عليه السلام من السماء إلى الأرض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾سورة الزخرف، فقال: «نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ». فأحاديث نزوله عليه السلام من السماء مشهورة قريبة من التواتر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام لما ينزل من السماء ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ثم يعيش في الأرض أربعين سنة يحكم خلالـها بشريعة القرءان شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويعم بعد نزول عيسى عليه السلام الأرض الإسلام والأمن والسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب.
وقد ورد أنه عليه السلام يسلك فج الرَّوحاء حاجًا أو معتمرًا ويقصد قبر النبي فيسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم فيرد الرسول عليه السلام، ويقيم في الأرض حاكمًا أربعين سنة ثم يموت فيدفن في الحجرة النبوية قرب قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
روى الحاكم في المستدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَهْبِطَنَّ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا وَلَيَسْلُكَنَّ فَجًّا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا وَلَيَأْتِيَنَّ قَبْرِي حَتَّى يُسَلِّمَ عَلَيَّ وَلَأَرُدَنَّ عَلَيْهِ».
قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ سورة النساء، وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ سورة الزخرف.
وسبحان الله والحمد لله رب العالمين.
https://www.islam.ms/ar/?p=6991