فدية الصيام على المذاهب الأربعة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله
أمّا بَعدُ فَإنَّ المريضَ الذي يَعجِزُ عن الصّومِ لأَجْلِ مرَضِه ولا يُرجَى شِفَاؤه والعَاجِزُ عن الصّومِ لكِبَرِ سِنِّه يَختَلِفُ حُكمُهُما بالنّسبَةِ لدَفْع الفِديَةِ مِن مَذهَبٍ إلى ءاخَرَ ونَحنُ بِعَونِ اللهِ نَذكُرُ إشَارَةً إلى هَذه الأحكَام في المذاهِب الأربَعةِ لِيَستَعِينَ بها المحتَاجُ على حَسَبِ مَذهَبِه فنَقُولُ
إنَّ الْمَرِيضَ الذي لا يُرجَى برؤه والعَاجِز عن الصَّوم لِكِبَرٍ تَجِبُ علَيهِ فِديَةٌ في المذهَبِ الشَّافعِيّ وهيَ مُدٌّ عن كُلّ يَومٍ مِن غَالِبِ قُوتِ البَلَدِ ويُجزئ القَمحُ في كُلِّ البِلادِ والمدُّ مِلءُ كَفَّيْ رَجُلٍ مُعتَدِلِ الخِلقَةِ، ولا يُجزئ غَيرُه مِنْ ذَهَبٍ أو فِضّةٍ أو عُملَةٍ أو غَيرِ ذَلكَ. وإنْ وكَّلَ ثِقَةً عَارفًا لِوَضْعِها في مَوضِعِها الشَّرعيّ أجزَأهُ ذلكَ. (والتَّوكِيلُ في مَذهَبِ الشَّافعِيِّ وأَبي حَنِيفَةَ يُشترَطُ فِيهِ لَفظٌ كوَكَّلتُكَ بكَذَا)
وأمّا في المذهَبِ المالِكيّ فيُندَبُ دَفعُ الفِديَةِ ولا يجِبُ سَواءٌ مِنَ المرِيضِ الذي لا يُرجَى بُرؤُه أو العَاجِزُ عن الصَّومِ لِكِبَرِ سِنّهِ والفِديَةُ هيَ مُدٌّ عن كُلِّ يَومٍ مِن غَالبِ قُوتِ البَلدِ. وإنْ وكَّلَ ثِقَةً عَارفًا لِوَضْعِها في مَوضِعها الشَّرعيِّ أجزَأهُ.
وأمّا عندَ الحنفيّةِ فالفِديَةُ واجِبَةٌ على الشَّيخ الفَاني وعلى المريضِ الذي لا يُرجَى شِفَاؤه ولا تجب على الحامِل والمرضِع
وهيَ مِقدَارُ نِصفِ صاَعٍ مِن قَمحٍ أو صَاعٌ مِن شَعِيرٍ أو أَرُز أو تَمرٍ أو زَبِيبٍ ويجزئُ مِقدَارُ مَا يُغَدّي ويُعَشِّي أو قِيمَةُ ذَلكَ. والصَّاع المعتَبَرُ هُنا هوَ الصَّاعُ العِرَاقيُّ ومِقدَارُه مُختَلِفُ عن الصَّاعِ الحِجَازيّ. (ونِصفُ الصّاع مِنَ البُرِّ أي القَمْح عندَ الحنَفِيّةِ تَقريبا 2145 غراما.)
ويصح إخراجها عند الحنفية ولو في أول الشهر كما ذكر ابن عابدين الحنفي في حاشيته. وإنْ وكَّلَ ثِقَةً عَارِفًا لوَضْعِها في مَوضِعِها الشَّرعيّ أجزَأه ذلكَ.
ويجِبُ علَيهِمَا في المذهَبِ الحَنبَلِيِّ عن كُلِّ يَومٍ إطعَامُ مِسكِينٍ مُدًّا مِن بُرٍّ أي قَمحٍ أو نِصفُ صَاعٍ مما يُجزئُ في الفِطرَةِ وهوَ تَمرٌ أو زَبِيبٌ أو شَعِيرٌ أو دَقِيقُ قَمحٍ أو دَقِيقُ شَعِيرٍ إذَا كانَ بوَزنِ الحَبّ. وإنْ وكَّلَ ثِقَةً عَارفًا لِوَضْعِها في مَوضِعها الشَّرعيِّ أَجزأَه ذلكَ. والله تعالى أعلم
https://www.islam.ms/ar/?p=876