شرح دعاءِ القنُوت
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ دُعَاءِ الْقُنُوتِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ: « اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ».
شرح دعاءِ القنُوت
اللّهم اهْدِني فِيمَن هَدَيتَ: معناه يا رَبِّ اجْعَلني مِنَ المهتَدِين الذينَ شِئتَ لهم الهِدَايةَ.
وعَافِني فِيمَن عافَيتَ: أي اجْعَلني مِنَ الذينَ رَزقتَهُم العَافية.
وتَولَّني فِيمَن تَولَّيتَ: أي اجْعَلني مِنَ الذينَ تَولَّيتَهُم بالحفظ.
وقِني شَرَّ مَا قضَيْت: مَعناه جَنِّبْني الشّرَّ الذي أنتَ تَخلقُه وليسَ معناهُ ما شئتَ أن يكونَ عليَّ مِنَ الشّرِّ غَيّر مشِيئَتكَ واصْرِفْهُ عَني لأنّ مَشيئةَ اللهِ لا تتَغَيّر قال صلى الله عليه وسلم: « ما شاءَ اللهُ كانَ ومَا لم يَشأ لم يكن ». والتغَيّر أقوى علاماتِ الحدُوث فلا يجوزُ على الله، وأمّا قولُه تعالى : ﴿ كُلَّ يومٍ هوَ في شَأنٍ ﴾ فليسَ معناهُ أنّ مشِيئةَ اللهِ تتغَيّر إنما معناهُ كما قال الرسولُ : يَكشِفُ كَربًا ويَغفِرُ ذَنبًا ويَرفَعُ قَومًا ويَضَعُ ءاخَرِينَ، أي كلّ يومٍ يُغَيّرُ في خَلقِه ما يشَاءُ.
فإنّكَ تَقضِي ولا يُقضَى علَيكَ: معناه أنتَ يا رَبِّ تخلقُ ما شِئتَ أنْ يكونَ ومَشيئَتُكَ شَامِلة لكلِّ شَىء ولا مَشِيئةَ للعِباد إلا ما شئتَ لهم ومَشيئَتُكَ غلَبَت كلَّ المشِيئات.
وإنّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيتَ: أي مَن شئتَ لهُ أن يكون عَزيزًا وأَيَّدْتَهُ بنَصرِكَ لا يَستَطِيعُ أحدٌ أن يُذِلَّهُ.
ولا يَعِزُّ مَن عَادَيت: معناه مَن عادَيتَهُ يا ربِّ لا يكونُ عَزيزًا.
تَباركتَ ربَّنا وتعَالَيت: معناه دامُ فَضْلُكَ يا ربّ وأنتَ مُنَزّه عن مشابهةِ الخلق وليسَ معنى العُلُوّ في حَقّ اللهِ عُلُوَّ الجِهة والمكانِ لأنّ هذا مِن صفاتِ الخَلْقِ ولا يجوزُ على الخالِق.
ولكَ الحَمدُ على ما قضَيتَ: معناه نحمَدُكَ يا رَبّ على مَشيئَتِكَ وقضَائكَ ونحنُ راضُونَ عن الله في تقديرِه الخَيرَ والشَّر لا عن العَبدِ الذي يَفعَلُ الشّرّ لأنّ العبدَ مَنهِيٌّ عنهُ.
الحمد لله رب العالمين
https://www.islam.ms/ar/?p=148