خطبة الجمعة عن معجزة المعراج والتحذير من بعض الأقوال والمعتقدات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلاّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رحمةً لِلْعالَمِينَ هَادِيًا ومُبَشّرًا ونَذيرًا، بلَّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونَصَحَ الأمَّةَ فَجَزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِنْ أنْبِيائِهِ، صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ وعلى كُلّ رَسولٍ أَرْسَلَهُ.
أمَّا بعدُ فيا عبادَ اللهِ إنَي أُحِبكُمْ في اللهِ وأوصِيكُمْ وَنفْسي بِتقْوَى اللهِ العَلِي العَظيم، يقولُ اللهُ تعالى في القرءانِ الكَريم: ﴿وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى﴾ [سورة النجم].
إخوةَ الإيمانِ، كمْ هوَ عظيمٌ أنْ نُشَنّفَ مسامِعَنا بِسَماعِ ءاياتٍ مِنْ كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وكَمْ هوَ عظيمٌ أنْ نُشَنّفَ مسامِعَنا بِسَماعِ ما يَدُلُّ على عظيمِ قدْرِ رَسولِ اللهِ، وكمْ هوَ عظيمٌ أنْ نُشَنّفَ مسامِعَنا بِسَماعِ كلامٍ عنْ معجزاتِهِ صلى الله عليه وسلم التي مِنْها المعراجُ، فمَا هوَ المعراجُ؟ وما هُوَ المقصودُ مِنَ المعراجِ ؟ المعراجُ إخوةَ الإيمانِ مِرقاةٌ شِبْهُ السُلَّمِ، دَرَجَةٌ منْهَا مِنْ فِضَّةٍ والأُخْرَى مِنْ ذَهَبٍ، عَرَجَ بِها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى السماءِ يَقَظَةً جسَدًا وروحًا وليسَ في المنامِ، والمَقْصودُ مِنَ المِعْراجِ تَشْريفُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم بِإِطْلاعِهِ على عَجَائِبِ العَالم العُلْوِيّ وتَعْظيمِ مَكانَتِهِ، فَلَقَدْ رَأَى صلواتُ رَبّي وسلامُهُ عليهِ مالِكًا خازِنَ النَّارِ والبَيْتَ المعمورَ، وهوَ بَيْتٌ مُشَرَّفٌ وَهُوَ لأهْلِ السَّماءِ كالكَعْبَةِ لأهْلِ الأَرْضِ، كلَّ يومٍ يَدْخُلُهُ سَبْعونَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ فيهِ ثُمَّ يَخْرُجونَ ولا يَعودونَ أبَدًا، ورأَى سِدْرَةَ المُنْتَهى وهِيَ شَجَرَةٌ عَظيمَةٌ بِهَا مِنَ الحُسْنِ ما لا يَصِفُهُ أحدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ، ورأَى الجنَّةَ وهِيَ فوقَ السَّمـواتِ السَّبْعِ فيها ما لا عيْنٌ رأَتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ ممَّا أَعَدَّهُ اللهُ للمسلمينَ الأتقياءِ خاصَّةً، ولِغَيْرِهِمْ ممَّنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَعيمٌ يَشْتَرِكونَ فيهِ مَعَهُمْ، أمَّا الكافِرُ فلا يَشَمُّ رائِحَةَ الجَنَّةِ بلْ هُوَ في جَهَنَّمَ خالِدًا فيها أبَدًا لا يُخَفَّفُ عنهُ العَذابُ ولا لَحْظَةً، اللَّهُمَّ أَحْسِنْ لنَا خِتَامَنَا يا ربَّ العَالَمِينَ.
ورَأَى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم العَرْشَ وهوَ أَعْظَمُ مَخْلوقات اللهِ حجمًا وحَوْلَهُ ملائِكَةٌ لا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إلا اللهُ، وقدْ وردَ في الحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « ما السَّمـواتُ السَّبْعُ في جَنْب الكُرْسِيّ إلاّ كَحَلْقَةٍ في أَرْض فَلاةٍ وفَضْلُ العَرْشِ على الكُرْسِيّ كَفَضْلِ الفَلاةِ على الحَلْقَةِ » فَتَأَمَّلْ معي أخي المسْلِمَ عقيدَةَ المسلِمينَ كيفَ أنَّ العَقْلَ شاهِدٌ لها، وتَأَمَّلْ معي عَقيدَةَ المُشَبّهَةِ المُجَسّمَةِ كيفَ أنَّ العقلَ يَحْكُمُ بِسخافَتِها، عقيدةَ هؤلاءِ الذينَ يقولونَ تارةً والعياذ بالله إنَّ اللهَ بِقَدْرِ العَرْشِ، وتارةً يقولونَ بتفسيرِهِمْ لِحَديثِ النُّزولِ إنَّ اللهَ ينْزِلُ بِذاتِهِ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، باللهِ عليكُمْ أليسَتْ هذهِ سخافَةَ عَقْلٍ أنْ يقولوا عنِ اللهِ إنَّه جسمٌ كبيرٌ بِقَدْرِ العرشِ، فاللهُ مَنَزَّهٌ عن الجسمية أيْ لا يَتَّصِفُ بالجسْمِ الكبير أو الصغير بَتَاتًا، إذا كانَتِ السَّمـواتُ السَّبْعُ بالنّسبَةِ للْكُرْسِيّ كَحَلْقَةٍ في أرض فلاة، والكُرْسِيُّ بالنسبَةِ للعرشِ كحلقةٍ في أرض فَلاة، فكيفَ السَّمـواتُ السّبْعُ بالنسبَةِ للْعَرْشِ فكيفَ السَّماءُ الأولى بالنسبةِ للعرشِ، هؤلاءِ المُشَبّهَةُ مِنْ شِدَّةِ جَهْلِهِمْ وسَخافَتِهِمْ تارةً يقولونَ عن اللهِ بقدرِ العرشِ وتارةً يقولونَ عنِ اللهِ يَنْزِلُ بِذاتِهِ إلى السَّماءِ الدُّنيا وتارةً يقولونَ إنَّهُ جسمٌ كبيرٌ كبيرٌ جِدًا بقدرِ العرشِ، وتارةً يقولونَ والعياذُ باللهِ إنه يَصْغُرُ ويتَضاءَلُ ويَصْغُرُ حتَّى يَنْزِلَ إلى السماءِ الدّنيا بذاتِهِ فَهُمْ بِذَلِكَ جَعَلوا اللهَ كالمَطّاطِ يَتَمَدَّدُ ويَتَقَلَّصُ. فمَا هذِهِ السَّخَافَةُ وهذا الكُفْرُ، اللهُ ليسَ جِسْمًا كبيرًا وليسَ جِسْمًا صَغِيرًا، لا يوصف بالجسم ولا يوصف بأية صفة من صفات البشر.
اللهُ خلقَ العرشَ إظْهارًا لِقُدْرَتِهِ ولمْ يَتَّخِذْهُ مَكانًا لذاتِهِ، لذلِكَ إخوةَ الإيمانِ حرِيٌّ بِنا ونحنُ نَتَكَلَّمُ عَنِ الِمعْراجِ أنْ نُنَبّهَكُمْ لِدَسائِسَ انْتَشَرَتْ بينَ بَعْضِ النَّاسِ كَقَوْلِهِمْ إنَّ اللهَ الْتَقَى بِمُحَمَّدٍ كما يَلْتَقِي البَشَرُ بِبَعْضِهِمْ فهذا كفرٌ والعِياذُ باللهِ تَعَالى، أمَّا الآيتانِ الكريمتَانِ المقصودُ بِهِما جبريلُ عليهِ السَّلامُ هُمَا ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ فقدْ روَى مسلمٌ عنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قالَتْ: إنما ذاكَ جبريلُ عليهِ السلامُ كانَ يأتيهِ، وإنّما أتاهُ في هذِهِ المَرَّةِ في صورَتِهِ التي هيَ هَيْأَتُهُ الأصْلِيَّةُ فَسَدَّ أُفُقَ السَّماءِ. وكذلِكَ منَ الدَّسائِسِ الكُفْرِيَّةِ قولُ بعضِهِمْ إنَّ محمدًا وجَدَ رَبَّهُ يُصَلّي في السَّماءِ وإنَّ اللهَ على زَعْمِهِمْ تَكَلَّمَ مَعَ النَّبِيّ محمدٍ بِصَوْتِ أبي بَكْرٍ لأنَّ النَّبِيَّ شَعَرَ بِضيقٍ، ويقولونَ أيضًا إنَّ اللهَ تَشَرَّفَ بعروجِ النبيّ إليهِ وهذا كفرٌ أيْضًا.
وعلى زَعْمِهِمْ (والعياذُ باللهِ منَ الكفرِ) يقولونَ «وصلَ النبيُّ إلى مكانٍ يسكن فيهِ اللهُ»، فقالَ لهُ جبريلُ «إنْ دخلْتَ اخترقْتَ وإنْ دَخَلْتُ أنا احْتَرَقْتُ». فاحذَرُوا إخوةَ الإيمانِ منْ تمويهاتِ الدَّجَّالينَ الذينَ مِنْهُمْ مَنْ يَظْهَرُ على المحطات التلفزيونية والفضائية ويَذْرِفُ الدموعَ ويَشْطَحُ بِكلامِهِ مُخالِفًا أصولَ الدّينِ وعقيدةَ المسلمينَ، هذا بُكاؤُهُ لا يَنْفَعُهُ فإنَّهُ مِنَ المَعلومِ أنَّ الكافرَ يَبْكي والمُؤْمِنَ يَبْكي ولكنَّ العِبْرَةَ بإرْضاءِ رَبّ العالَمينَ نَسْأَلُ اللهَ تعالى السلامةَ.
وممّا أَكْرَمَ اللهُ بهِ نَبِيَّهُ في المعراجِ أنْ أزالَ عنْ قَلْبِهِ صلى الله عليه وسلم الحِجابَ المَعْنَوِيَّ فرَأَى اللهَ بِفُؤادِهِ، رَأَى اللهَ الذي لا يُشْبِهُ شيئًا، أي اللَّهَ المَوجودَ بِلا مَكانٍ، أيْ جعلَ اللهُ في النبي قُوَّةَ الرُّؤْيَةِ في قَلْبِهِ فَرءاهُ بِقَلْبِهِ لا بِعَيْنِهِ لأنَّ اللهَ لا يُرَى بالعيْنِ الفانِيَةِ في الدّنيا فقدْ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم« واعْلَموا أنَّكُم لنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حتّى تَموتُوا » وإنما يُرَى اللهُ في الآخِرَةِ بالعَيْنِ البَاقِيَةِ، يراهُ المؤمنونَ لا يُشْبِهُ شيئًا منَ الأشياءِ بلا مكانٍ ولا جِهَةٍ ولا مُقابَلَةٍ ولا ثُبوتِ مَسافَةٍ ولا اتّصالِ شُعاعٍ بيْنَ الرّائِي وبَيْنَهُ عزَّ وجَلَّ، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [سورة القيامة] أمَّا الكفّارُ فلا يرَوْنَ اللهَ في الدّنيا ولا في الآخرةِ وهمْ مُخَلَّدونَ في نَارِ جَهَنَّمَ. اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا على كامِلِ الإيمانِ. هذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُمْ.
الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ. عبادَ اللهِ أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ القائِلِ في كتابِهِ الكَريمِ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [سورة هود].
وروَى أبو داودَ في سُنَنِهِ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ بعضَ بناتِهِ: « ما شاءَ اللهُ كانَ وما لمْ يَشَأْ لمْ يَكُنْ ». فمعنى هذهِ الكلمةِ العظيمةِ أنَّ كلَّ ما أرادَ اللهُ وجودَهُ لا بد أن يوجد في الوقتِ الذي شاء الله وجوده فيهِ، وما لمْ يُرِدِ اللهُ وجودَهُ لا يَدْخُلُ في الوجودِ ولا يكونُ، ومشيئةُ اللهِ أزليَّةٌ أبَدِيَّةٌ لا تَتَغَيَّرُ فسُبْحانَ الله الذي يُغَيّرُ ولا يَتَغَيَّرُ. أما الذي يقول إنَّ اللهَ أرادَ أنْ يَخْلُقَ فُلانَةَ ذَكَرًا ثمَّ خَلَقَها أُنْثى فقد ضلَّ لأنه نسب التغير إلى مشيئة الله، والحق أن مشيئةَ اللهِ أَزَلِيَّةٌ أبَدِيَّةٌ لا تَتَغَيَّرُ، فَمَنْ قالَ هذِهِ الكَلِمَةَ: «إنّ الله أراد أن يخلق فلانة ذكرًا ثم خلقها أنثى»، أو قال: «إنَّ اللهَ أرادَ أنْ يَخْلُقَ فلانًا أُنْثَى ثمَّ خَلَقَهُ ذَكَرًا» هذا خَرَجَ مِنْ دينِ اللهِ ونذكّركم بحديث رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ صَمَتَ نَجَا» اللهمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ العفوَ والعافِيَةَ في الدّنيا وفي الآخِرَةِ.
واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللّهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ، وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾
اللّهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا، اللّهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ، ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ، اللهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ، اللّهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ، واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ، واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا
هَل رَكِبَ البُرَاقَ غَيْرُ النَّبِيِّ وَهَل لِلْبُرَاقِ أَجْنِحَةٌ ؟
إِبْرَاهِيمُ كَانَ يَرْكَبُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ مِن فِلَسْطِينَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ بَعْدَ الظُّهْرِ يَعُودُ إِلَى فِلَسْطِينَ، لَهُ أَجْنِحَةٌ، ذَكَرَ ذَلِكَ الحَافِظُ الأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ.
خَازِنُ السَّمَاءِ يَسْأَلُ جِبْرِيلَ: "هَل بُعِثَ مُحَمَّدٌ" مَعْنَاهُ هَل طُلِبَ لِلْعُرُوجِ، وَإِلَّا يَعْرِفُ هذَا الخَازِنُ أَنَّهُ بُعِثَ (نَبِيَّا)، وَلَيْسَ لِلشَّكِ يَسْأَلُ (هَل طُلِبَ لِلْعُرُوجِ) إِنَّمَا لِلْفَرَحِ.
قالَ الإمَامُ الطِّيْبِيُّ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاة: "وَقَد بُعِثَ إِلَيْهِ ؟" أَي بُعِثَ إِلَيْهِ لِصُعُودِ السَّمَاوَاتِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الاسْتِفْهَامَ عَن أَصْلِ البِعْثَةِ والرِّسَالَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى المَلَائِكَةِ إِلَى هَذِهِ المُدَّةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لأَنَّ أَمْرَ نُبُوَّتِهِ كَانَ مَشْهُورًا فِي المَلَكُوتِ لَا يَخْفَى عَلَى خُزَّانِ السَّمَاواتِ وَحُرَّاسِهَا، وَقِيلَ كَانَ سُؤَالُهم لِلاسْتِبْشَارِ بِعُرُوجِهِ إِلَيْهِ إذْ كَانَ مِنَ البَيِّنِ عِنْدَهُم أَنَّ أَحَدًا مِنَ البَشَرِ لَا يَتَرَقَّى إِلَى أَسْبَابِ السَمَاوَاتِ مِن غَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لَهُ وَيَأْمُرَ مَلائِكَتَهُ بِإِصْعَادِهِ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ لَا يَصْعَدُ بِمَن لَا يُرْسَلُ إِلَيْهِ بالصُّعُودِ وَلَا يَسْتَفْتِحُ لَهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ اهـ كَلَامُ الطِّيْبِيِّ.
https://www.islam.ms/ar/?p=311