حكم خروجُ المرأةِ متعطرة متزينة
يحرم خروجُ المرأةِ إن كانت تَمُرُّ على الرجالِ الأجانبِ بقصدِ التعرُّضِ لهم.
الشرح: أن من معاصي البدن خروجَ المرأةِ متعطرة أو غير متعطرة متزيّنةً أو غيرَ متزينة متستّرة بالستْر الواجب أو لم تكن كذلك إن قصدت بخروجها أن تفتن الرجال أي أن تستميلهم للمعصية، وأما إذا خرجت متعطّرة أو متزيّنة ساترة ما يجب عليها ستره من بدنها ولم يكن قصدُها ذلك فإنها تقع في الكراهة وإن لم يكن عليها في ذلك إثم.
وذكر الشافعيةُ في مناسك الحج أنه يُسَن التَطَيُّب للأنثى كما للذكر للإحرام للحج أو العمرة كما ثبتَ عندَ أبي داود من حديث عائشة.
وروى ابنُ حبان عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا: « أيُّمَا امرأةٍ خرجت متعطرةً فمرّت بقوم ليَجدوا ريحها فهيَ زانية » وشَرحُ الحديث أنَّ المرأة التي تقصِدُ بخروجها متطيبةً استمالةَ الرجال إليها أي للفاحشةِ أو لِما دون ذلك من الاستمتاع الْمُحرَّم فهي زانيةٌ أي شِبهُ زانية لأن فعلَها هذا مقدمة للزنى وليس المعنى أن إثمها كإثم الزانية الزنى الحقيقيَّ الموجبَ للحد فإن ذلك من أكبر الكبائر. وأما إن لم تقصد بخروجها متعطرة أن تفتن الرجال فليس عليها في ذلك إثم كما تقدّم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيَّدَ حصول الإثم بقَصدِ الفتنة وذلك بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث "ليجدوا ريحها" ولكن فعلها مكروه كراهة تنـزيهية.
روى ابن حبان والحاكم والنسائي والبيهقي في باب ما يكره للنساء من الطيب ، وأبو داود عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا : ” أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ” .
وأخرج الترمذي في باب ما جاء في كراهية خروج المرأة متعطرة من حديث أبي موسى الأشعري أيضا مرفوعًا :” كل عين زانية ، والمرأة إذا استعطرة فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا ” يعني زانية . اهـ .
فهذه الرواية الأخيرة مطلقة ، ورواية : ” ليجدوا ريحها” مقيدة ، ومخرج الكل واحد ، فيحمل المطلق على المقيد عملا بالقاعدة التي جرى عليها الجمهور من حمل المطلق على المقيد تحاشيًا لما يترتب على العكس من الخروج عن إجماع الأئمة ، فإنه لم يقل أحد منهم بحرمة خروج المرأة متطيبة على الإطلاق ، وهذا الحمل موافق لحديث عائشة الذي رواه أبو داود في سننه أنها قالت : ” كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمّخ جباهنا بالمسك المطيب فلإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهاها ” . والرسول ونساؤه كانوا يحرمون بذي الحليفة وهي على بضعة أميال من المدينة اهـ
فيتبن أن خروج المرأة متزينة أو متعطرة مع ستر العورة مكروه تنـزيها دون الحرام ، ويكون حرامًا إذا قصدت المرأة بذلك التعرّض للرجال ، أي إذا قصدت فتنتهم .
https://www.islam.ms/ar/?p=779