حرمة إسقاط الجنين. ما حكم الإجهاض في الإسلام ؟
بِسمِ اللهِ الرَّحمـنِ الرَّحِيم
بسم الله الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وبعد:
ما حكم الإجهاض في الإسلام ؟
اعلم أنّ أعظم الذّنوب هو الكفر ثم قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحقّ. وسواء كان المقتول طفْلا رضيعًا أو شيخًا كبيرًا أو شابًّا أو امرأةً أو طفلا جاوز الأربعة أشهر في بطن أمّه ولم تلده بعد.
وإن مما يجب التّحذير منه فتوى بعض الناس بتحليل إسقاط الجنين بعد أربعة أشهر قمريّة وهو حيّ في بطن أمّه بدعوى أن الأمّ تتّضّرّر بإبقائه أو أنّه إن ترك في بطن أمّه يأتي مشوّهًا، فإنّ هذا الولد إسقاطه محرّم بالإجماع ومن استحلّه يكفر لأنّ الرّوح نفخت فيه، فحكمه كحكم الإنسان الذي يمشي على وجه الأرض فليس للأمّ أن تجعله فداءً عن نفسها لأجل الخلاص من ضررٍ تتوقّعه لأنّ الطبيب قال لها إن لم تسقطي يصيبك كذا، فإن هي أخذت الشىء الذي يقتل الجنين فعليها دية وكفارة، والكفّارة عتق رقبةٍ فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وإن هي رضيت بأن يسقطه الطبيب فتكون مشاركةً له في المعصية وهذه المعصية أكبر معصيةٍ بعد الكفر أشدّ من الزّنا وشرب الخمر.
هذه المرأة التي ارتكبت هذا الذنب لو صبرت على ما يلحقها من الآلام فماتت تكون شهيدةً، لكن بموافقتها الطبيب على قتل هذا الجنين خسرت خسرانًا كبيرًا وفوّتت على نفسها أجر الشّهادة الذي كانت تناله لو صبرت فماتت بسبب بقاء الحمل في جوفها.
ثم الحذر الحذر من اعتقاد قول الأطبّاء العصريّين في كثيرٍ من الأمور، فقد حصل في ألمانيا أنّ امرأةً مسلمةً قالت أنا أسقطْت الجنين الذي مضى عليه خمسة أشهر وهو حيّ لأنّ الطبيب قال لي إنْ لم تسقطيه يصيبك عور وشىء ءاخر، ثم مع ذلك أصابها العور، وهذا حصل في ألمانيا في برلين. إنا لله وإنا إليه راجعون.
لا ينبغي تصديق الأطباء في كلّ شىءٍ لا سيّما اليوم أغلب الأطباء اليوم فسّاق بعضهم كفّار وبعضهم مسلمون فسّاق من أهل الكبائر كيف يعتمد على كلام هؤلاء فيرتكب مثل هذا الذّنب إسقاط الجنين.
امرأة أخرى في فرنسا كانت حاملا قال لها الطبيب إن لم تسقطي هذا الجنين يطلع الولد مشوّهًا فقال لها الشيخ لا تصدّقيه فجاء الولد سليمًا جميل الصّورة. الله يلعنهم هؤلاء الفساق لأجل المال ضرّوا الناس، كم بتروا أرجل أناسٍ وأيدي أناسٍ لغرضٍ في أنفسهم مما هو يداوى بغير البتر.
شخص مغربي قال في بلادنا أصاب رجْلي صدمة بسيارة فقرّر الطبيب القانوني بترها أي قطعها ثم أمي أخذتني إلى رجلٍ كبير فداواني بالأعشاب، الآن يباري الشباب في الجرْي، يسبق من يباريهم بتلك الرجل.
وأمّا إسقاط الجنين قبل أربعة أشهر قمرية أي قبل أن ينفخ فيه الروح فقد اختلف الفقهاء في جوازه لكن إن كان فيه كشف عورة من غير ضرورةٍ فهو حرام عند الجميع.
هذه المسألة كثيرة الحصول فينبغي نشرها.
فحكم الإجهاض قبل الشهر الرابع من الحمل أي قبل أن تُنفخ الروح في الجنين اختلف فيه العلماء، قال بعضهم حرام وقال بعضهم: ليس حراما بشرط عدم الضرر وعدم كشف العورة. ويجوز العمل بالقول الثاني .
وإما الإجهاض بعد الشهر الرابع فحرام إجماعا
أحكام الإجهاض بعد نفخ الروح:
نفخ الروح يكون بعد مائة وعشرين يومًا، كما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه ابن مسعود مرفوعًا: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقه مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح"
ولا خلاف بين الفقهاء في تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح، أي بعد الشهر الرابع، فقد نصوا على أنه إذا نفخت في الجنين الروح حرم الإجهاض إجماعًا. وقالوا إنه قتل له، بلا خلاف. والذي يؤخذ من إطلاق الفقهاء تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح أنه يشمل ما لو كان سيطلع الولد مشوها أو لا، أو ما لو كان في بقائه خطر على حياة الأم وما لو لم يكن كذلك. وصرح الفقيه ابن عابدين بذلك فقال: لو كان الجنين حيًا، ويخشى على حياة الأم من بقائه، فإنه لا يجوز تقطيعه.
وإن كانت هي التي قتلت جنينها: عليها معصية من الكبائر وكفارة القتل والدية.
وإن كان الطبيب الذي قتل الجنين بإذنها: عليها معصية من الكبائر. وعلى الطبيب المعصية الكبيرة والدية والكفارة .
والكفارة هي كما قال تعالى :{ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ }. والدية كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ، رَمَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَىَ، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَىَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.
وانظر في الفقه الحنفى حاشية رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار ج – 5 ص 410 و 413، وفتح القدير للكمال بن الهمام على الهداية ج – 4 ص 153، وفى الفقه المالكى حاشية الدسوقى وشرح الدردير ج – 4 ص 268، وبداية المجتهد ج – 2 ص 347، وفى الفقه الشافعى نهاية المحتاج ج – 7 ص 360 و 364، وفى الفقه الحنبلي – المغنى لابن قدامة في كتاب الديات ج – 8 . اهـ
حكم الإجهاض قبل نفخ الروح:
في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح أقوال متعددة، فمنهم من قال بالإباحة مطلقًا وهو ما ذكره بعض الحنفية، فقد ذكروا أنه يباح إسقاط الحمل، ولو بلا إذن الزوج قبل مضى أربعة أشهر، والمراد قبل نفخ الروح وهذا لا يكون إلا بعد هذه المدة، بشرط عدم كشف العورة المغلظة وعدم لحوق الضرر بها .
وانظر : (حاشية رد المحتار لابن عابدين ج – 2 ص 411 وفتح القدير للكمال بن الهمام ج – 2 ص 495).
ومنهم من قال بالحرمة كالشافعية كما في فقه مذهب الإمام الشافعى : (حاشية البجيرمى على الاقناع ج – 4ص 40، وحاشية الشبراملى على نهاية المحتاج ج – 6 ص 179 ، وكتاب أمهات الأولاد فى نهاية المحتاج ج – 8 ص 416).
https://www.islam.ms/ar/?p=57