تفسير سورة يس من الآية 26 إلى الآية 32
الحمدُ للهِ ربّ العالمين لهُ النِعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَن
صَلَوَاتُ اللهِ البَرّ الرَّحيم والملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ عَلَى سَيّدِنَا مُحَمَّدٍ أشْرَفِ الـمُرسَلِين وحَبِيبِ رَبّ العَالمين
وعلى جميعِ إخوانِهِ مِنَ النَّبِيّينَ والـمُرسَلِين وَءَالِ كُلّ والصَّالِحين وسلامُ اللهِ عليهم أجمعين
يقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ {26} بِمَا غَفَرَ لِي رَبِي وَجَعَلَنِي مِنَ الـمُكْرَمِينَ {27} وَمَآ أَنْزَلنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِن جُنْدٍ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ {28} إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُم خَامِدُونَ {29} يَا حَسْرَةً عَلَى العِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ {30} أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكنَا قَبْلَهُم مِنَ القُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِم لَا يَرْجِعُونَ {31} وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ {32}﴾
إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى يُخْبِرُنَا عن حَبِيبِ النَّجَار أَنَّهُ قَال ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِي﴾ أَي بِمَغْفِرَةِ رَبّي لِي، أَوْ بِالَّذِي غَفَرَ لِي
﴿وَجَعَلَنِي مِنَ الـمُكْرَمِينَ﴾ بِالجَنَّة
﴿وَمَآ أَنْزَلنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ﴾ مَا نَافِيَةٌ، أَي لَم نُنْزِل عَلَى قَوْمِ حَبِيبٍ مِنْ بَعَدِ قَتْلِه
﴿مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَآءِ﴾ لِتَعْذِيبِهِم
﴿وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ﴾ وَمَا كَانَ يَصِحُّ فِي حِكْمَتِنَا أنْ نُنْزِلَ فِي إِهْلَاكِ قَوْمِ حَبِيبٍ جُنْدًا مِنَ السَّمَاء وذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَجْرَى هَلَاكَ كُلّ قَوْمٍ عَلَى بَعْضِ الوجُوهِ دُونَ بَعْضٍ لِحِكْمَةٍ اقْتَضَت ذَلِك
﴿إِنْ كَانَتْ﴾ الأَخْذَةُ أَو العُقُوبَة
﴿إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ صَاحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَيْحَةً وَاحِدَة
﴿فَإِذَا هُم خَامِدُونَ﴾ مَــيّــتُون، كَمَا تَخْمُدُ النَّار. وَالـمَعْنَى أَنَّ اللهَ كَفَى أَمْرَهُم بِصَيْحَةِ مَلَك وَلَم يُنْزِل لِإهْلَاكِهِم جُنْدًا مِن جُنُودِ السَّمَاء كَمَا فَعَلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَالخَنْدَق
﴿يَا حَسْرَةً عَلَى العِبَادِ مَا يَأْتِيْهِم مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤونَ﴾ الحَسْرَةُ شِدَّةُ النَّدَم. وَهَذَا نِدَاءٌ لِلحَسْرَةِ عَلَيْهِم كَأَنَّهُ قِيلَ لَهَا تَعَالَيْ يَا حَسْرَةُ فَهَذِهِ مِن أَحْوَالِك التي حَقُّكِ أَنْ تَحضُرِي فِيهَا وَهِيَ حَالُ استِهْزَائِهِم بِالرُّسُل. وَالـمَعْنَى أَنَّهُم أَحِقَّاءُ بِأنْ يَتَحَسَّرَ عَلَيْهِمُ الـمُتَحَسّرُون ويَتَلَهَّفَ عَلَى حَالِهِم الـمُتَلَهّفُون. أو هُم مُتَحَسَّرٌ عَلَيْهِم مِن جِهَةِ الـمَلَائِكَةِ وَالـمُؤمِنِين مِنَ الثَّقَلَيْن
﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ أَلَمْ يَعْلَمُوا
﴿كَمْ أَهْلَكنَا قَبْلَهُم مِنَ القُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِم لَا يَرْجِعُونَ﴾ أَلم يَرَوْا كَثْرَةَ إِهْلَاكِنَا القُرُونَ مِن قَبْلِهِم أَنَّهُم غَيْرُ رَاجِعِينَ إِلَيْهِم
﴿وَإِنْ كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ الـمَعْنَى أَنَّ كُلَّهُم مَحْشُورونَ مَجْمُوعُونَ مُحْضَرُونَ لِلْحِسَابِ أَو مُعَذَّبُون. وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَن كُلٌّ بِجَمِيعٌ لِأَنَّ كُلًا يُفِيدُ مَعْنَى الإحَاطَة وَالجَمِيعُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَمَعْنَاهُ الاجْتِمَاعُ يَعْنِي أَنَّ الـمَحْشَرَ يَجْمَعُهُم
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ العَالمين، ربَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَة وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ النَّار،
اللهُمَّ اجْعَلنَا هُدَاةً مَهْديّينَ غَيْرَ ضَآلِينَ وَلَا مُضِلّين وَاستُر عَوْرَاتِنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمين وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِين
https://www.islam.ms/ar/?p=610