تفسير سورة مريم آية 44
يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا
45 - يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ قِيلَ أَعْلَمُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا قَرِينًا فِي النَّارِ تَلِيهِ وَيَلِيكَ ، فَانْظُرْ فِي نَصِيحَتِهِ كَيْفَ رَاعَى الْمُجَامَلَةَ وَالرِّفْقَ وَالْخُلُقَ الْحَسَنَ كَمَا أُمِرَ ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَوَّلًا الْعِلَّةَ فِي خَطَئِهِ طَلَبَ مُنَبِّهٍ عَلَى تَمَادِيهِ مُوقِظٍ لِإِفْرَاطِهِ وَتَنَاهِيهِ ؛ لِأَنَّ مَنْ يَعْبُدُ أَشْرَفَ الْخَلْقِ مَنْزِلَةً وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالْغَيِّ الْمُبِينِ فَكَيْفَ بِمَنْ يَعْبُدُ حَجَرًا أَوْ شَجَرًا لَا يَسْمَعُ ذِكْرَ عَابِدِهِ وَلَا يَرَى هَيْئَاتِ عِبَادَتِهِ وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُ بَلَاءً وَلَا يَقْضِي لَهُ حَاجَةً ؟! ثُمَّ ثَنَّى بِدَعْوَتِهِ إِلَى الْحَقِّ مُتَرَفِّقًا بِهِ مُتَلَطِّفًا فَلَمْ يَسِمْ أَبَاهُ بِالْجَهْلِ الْمُفْرِطِ وَلَا نَفْسَهُ بِالْعِلْمِ الْفَائِقِ وَلَكِنَّهُ قَالَ إِنَّ مَعِي شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ لَيْسَ مَعَكَ وَذَلِكَ عِلْمُ الدِّلَالَةِ عَلَى الطَّرِيقِ السَّوِيِّ فَهَبْ أَنِّي وَإِيَّاكَ فِي مَسِيرٍ وَعِنْدِي مَعْرِفَةٌ بِالْهِدَايَةِ دُونَكَ فَاتَّبِعْنِي أُنْجِكَ مِنْ أَنْ تَضِلَّ وَتَتِيهَ ثُمَّ ثَلَّثَ بِنَهْيِهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ الَّذِي عَصَى الرَّحْمَنَ الَّذِي جَمِيعُ النِّعَمِ مِنْهُ أَوْقَعَكَ فِي عِبَادَةِ الصَّنَمِ وَزَيَّنَهَا لَكَ فَأَنْتَ عَابِدُهُ فِي الْحَقِيقَةِ ثُمَّ رَبَّعَ بِتَخْوِيفِهِ سُوءَ الْعَاقِبَةِ وَمَا يَجُرُّهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ التَّبِعَةِ وَالْوَبَالِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّ الْعِقَابَ لَاحِقٌ بِهِ وَأَنَّ الْعَذَابَ لَاصِقٌ بِهِ بَلْ قَالَ أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ بِالتَّنْكِيرِ الْمُشْعِرِ بِالتَّقْلِيلِ كَأَنَّهُ قَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُصِيبَكَ نَفَيَانٌ - قَلِيلٌ - مِنْ عَذَابِ الرَّحْمَنِ وَجَعَلَ وَلَايَةَ الشَّيْطَانِ وَدُخُولَهُ فِي جُمْلَةِ أَشْيَاعِهِ وَأَوْلِيَائِهِ أَكْبَرَ مِنَ الْعَذَابِ كَمَا أَنَّ رِضْوَانَ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنَ الثَّوَابِ فِي نَفْسِهِ ، وَصَدَّرَ كُلَّ نَصِيحَةٍ بِقَوْلِهِ "يَا أَبَتِ" تَوَسُّلًا إِلَيْهِ وَاسْتِعْطَافًا، ثُمَّ :
https://www.islam.ms/ar/?p=3122