تفسير سورة فصلت آية 51

وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ 51 - وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ هَذَا ضَرْبٌ آخَرُ مِنْ طُغْيَانِ الْإِنْسَانِ إِذَا أَصَابَهُ اللَّهُ بِنِعْمَةٍ أَبْطَرَتْهُ النِّعْمَةُ فَنَسِيَ الْمُنْعِمَ وَأَعْرَضَ عَنْ شُكْرِهِ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَتَبَاعَدَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ أَوْ ذَهَبَ بِنَفْسِهِ وَتَكَبَّرَ وَتَعَظَّمَ وَتَحْقِيقُهُ أَنْ يُوضَعَ جَانِبُهُ مَوْضِعَ نَفْسِهِ لِأَنَّ مَكَانَ الشَّيْءِ وِجْهَتُهُ يُنْزَلُ مَنْزِلَةَ نَفْسِهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُتَّابِ: "كَتَبْتُ إِلَى جِهَتِهِ وَإِلَى جَانِبِهِ الْعَزِيزِ" يُرِيدُونَ نَفْسَهُ وَذَاتَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: "وَنَاءَ بِنَفْسِهِ" وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ اَلضُّرُّ وَالْفَقْرُ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ كَثِيرٍ أَيْ: أَقْبَلَ عَلَى دَوَامِ الدُّعَاءِ وَأَخَذَ فِي الِابْتِهَالِ وَالتَّضَرُّعِ وَقَدِ اسْتُعِيرَ الْعَرْضُ لِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَدَوَامِهِ وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الْأَجْرَامِ كَمَا اسْتُعِيرَ الْغِلَظُ لِشِدَّةِ الْعَذَابِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ: "فَيَئوسٌ قَنُوطٌ" وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي قَوْمٍ وَالثَّانِيَ فِي قَوْمٍ أَوْ قَنُوطٌ فِي الْبَرِّ ذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ فِي الْبَحْرِ أَوْ قَنُوطٌ بِالْقَلْبِ ذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ بِاللِّسَانِ أَوْ قَنُوطٌ مِنَ الصَّنَمِ ذُو دُعَاءٍ لِلَّهِ (تَعَالَى) .

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير قرآن كامل تفسير سورة فصلت آية 51