تفسير سورة فصلت آية 10
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ 10 - وَجَعَلَ فِيهَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ جِبَالًا ثَوَابِتَ مِنْ فَوْقِهَا إِنَّمَا اخْتَارَ إِرْسَاءَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ لِتَكُونَ مَنَافِعُ الْجِبَالِ ظَاهِرَةً لِطَالِبِيهَا وَلِيُبْصَرَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْجِبَالَ أَثْقَالٌ عَلَى أَثْقَالِ كُلُّهَا مُفْتَقِرَةٌ إِلَى مُمْسِكٍ وَهُوَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَبَارَكَ بِالْمَاءِ وَالزَّرْعِ وَالشَّجَرِ وَالثَّمَرِ فِيهَا فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ: بَارَكَ فِيهَا وَأَكْثَرَ خَيْرَهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا أَرْزَاقَ أَهْلِهَا وَمَعَايِشَهُمْ وَمَا يُصْلِحُهُمْ وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "وَقَسَّمَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي تَتِمَّةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يُرِيدُ بِالتَّتِمَّةِ الْيَوْمَيْنِ تَقُولُ: "سِرْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي عَشْرَةٍ وَإِلَى الْكُوفَةِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ" أَيْ: تَتِمَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ أُجْرِي عَلَى الظَّاهِرِ لَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ قَالَ: "خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ" ثُمَّ قَالَ: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ: "فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ" فَيَكُونُ خِلَافَ قَوْلِهِ: "فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ" فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَفِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) خَلَقَ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ وَالْعُمْرَانَ وَالْخَرَابَ فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْمَلَائِكَةَ وَخَلَقَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ" قِيلَ: هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا الْقِيَامَةُ "سَوَاءٍ" "يَعْقُوبُ" صِفَةً لِلْأَيَّامِ أَيْ: "فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مُسْتَوِيَاتٍ تَامَّاتٍ" "سَوَاءٌ" بِالرَّفْعِ "يَزِيدُ" أَيْ: "هِيَ سَوَاءٌ" غَيْرُهُمَا: عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: "اِسْتَوَتْ سَوَاءً" أَيْ: اِسْتِوَاءً أَوْ عَلَى الْحَالِ لِلسَّائِلِينَ مُتَعَلِّقٌ بِـ "قَدَّرَ" أَيْ: قَدَّرَ فِيهَا الْأَقْوَاتَ لِأَجْلِ الطَّالِبِينَ لَهَا وَالْمُحْتَاجِينَ إِلَيْهَا لِأَنَّ كُلًّا يَطْلُبُ الْقُوتَ وَيَسْأَلُهُ أَوْ بِمَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: "هَذَا الْحَصْرُ لِأَجْلِ مَنْ سَأَلَ: "فِي كَمْ خُلِقَتِ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا؟!" .
https://www.islam.ms/ar/?p=5024