تفسير فأولئك يُبَدِّل الله سيِّئاتهم حَسَنات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد،

قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [سورة الفرقان 70]، هذه الآيةُ في الكُفّار، المعنى أنّ الكُفّار الذينَ كانوا يَزنُونَ ويَعبُدونَ غيرَ الله هؤلاء إنْ تابُوا عن كُفرهم فدَخَلوا في الإسلام، إسلامَهم هدَم كلَّ ذنوبِهم ثمّ يَحُلُّ محَلَّ تِلكَ السّيئاتِ الحسَنات التي يعمَلُونَها بعدَ إسلامِهم، وليس معناه أنّ السّيئاتِ بعَينِها تَنقلِبُ حسَنَات.

فقوله تعالى ﴿ فأولئكَ يُبَدّلُ اللهُ سَيّئاتِهم حَسَنات ﴾ أي يوفّقُهم للمحَاسِن بعدَ القَبائح، أو يَمحُوها بالتّوبةِ ويُثبِت مكانَها الحسَنات الإيمانَ والطّاعة، وليس معناه أنّ السّيئاتِ بعَينِها تَنقلِبُ حسَنَات. مَن قال إنّ الكافرَ الأصليّ إذا أسلَمَ عَينُ سيّئاته تَنقلِبُ حسَناتٍ ضَلّ وهَلَك.

يقول الإمام القرطبي (ت 671 هـ) في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: قوله تعالى: فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات قال النحاس: من أحسن ما قيل فيه أنه يكتب موضع "كافر" : مؤمن، وموضع "عاص": مطيع. وقال مجاهد والضحاك: أن يبدلهم الله من الشرك الإيمان وروي نحوه عن الحسن. قال الحسن: قوم يقولون : التبديل في الآخرة ، وليس كذلك، إنما التبديل في الدنيا ؛ يبدلهم الله إيمانا من الشرك ، وإخلاصا من الشك ، وإحصانا من الفجور. وقال الزجاج: ليس بجعل مكان السيئة الحسنة ، ولكن بجعل مكان السيئة التوبة، والحسنة مع التوبة.

يقول الإمام الطبري (ت 923 هـ) في تفسيره:  قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك، تأويل من تأوّله: فأولئك يبدل الله سيئاتهم: أعمالهم في الشرك حسنات في الإسلام، بنقلهم عما يسخطه الله من الأعمال إلى ما يرضى. وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لأن الأعمال السيئة قد كانت مضت على ما كانت عليه من القُبح، وغير جائز تحويل عين قد مضت بصفة إلى خلاف ما كانت عليه إلا بتغييرها عما كانت عليه من صفتها في حال أخرى، فيجب إن فعل ذلك كذلك أن يصير شرك الكافر الذي كان شركا في الكفر بعينه إيمانا يوم القيامة بالإسلام ومعاصيه كلها بأعيانها طاعة، وذلك ما لا يقوله ذو حجا. وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) يقول تعالى ذكره: وكان الله ذا عفو عن ذنوب من تاب من عباده، وراجع لطاعته، وذا رحمة به أن لا يعاقبه على ذنوبه بعد توبته منها.

تفسير قرآن أهل السنة فتوى دينية ردة كفر علماء تفسير دروس دينية إسلامية ثقافة إسلامية أمر بمعروف نهي عن منكر تذكير ديني إسلامي تفسير طبري تفسير قرطبي