تفسير سورة طه آية 44

فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى

44 - فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا اُلْطُفَا لَهُ فِي الْقَوْلِ لِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ تَرْبِيَةِ مُوسَى أَوْ كَنِّيَاهُ ، وَهُوَ مِنْ ذَوِي الْكُنَى الثَّلَاثِ: أَبُو الْعَبَّاسِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ ، وَأَبُو مُرَّةَ ، أَوْ عِدَاهُ شَبَابًا لَا يَهْرَمُ بَعْدَهُ وَمُلْكًا لَا يُنْزَعُ عَنْهُ إِلَّا بِالْمَوْتِ أَوْ هُوَ قَوْلُهُ "هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى"، فَظَاهِرُهُ الِاسْتِفْهَامُ وَالْمَشُورَةُ لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَيْ : يَتَّعِظُ وَيَتَأَمَّلُ فَيُذْعِنَ لِلْحَقِّ أَوْ يَخْشَى أَيْ : يَخَافُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَمَا تَصِفَانِ فَيَجُرُّهُ إِنْكَارُهُ إِلَى الْهَلَكَةِ ، وَإِنَّمَا قَالَ "لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ" مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَتَذَكَّرُ ؛ لِأَنَّ التَّرَجِّيَ لَهُمَا أَيِ اذْهَبَا عَلَى رَجَائِكُمَا وَطَمَعِكُمَا وَبَاشِرَا الْأَمْرَ مُبَاشَرَةَ مَنْ يَطْمَعُ أَنْ يُثْمِرَ عَمَلُهُ. وَجَدْوَى إِرْسَالِهِمَا إِلَيْهِ - مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ - إِلْزَامُ الْحُجَّةِ وَقَطْعُ الْمَعْذِرَةِ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ مُتَذَكِّرٌ أَوْ يَخْشَى خَاشٍ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَقِيلَ: "لَعَلَّ" مِنَ اللَّهِ تَعَالَى : وَاجِبٌ وَقَدْ تَذَكَّرَ وَلَكِنْ حِينَ لَمْ يَنْفَعْهُ التَّذَكُّرُ ، وَقِيلَ تَذَكَّرَ فِرْعَوْنُ وَخَشِيَ وَأَرَادَ اتِّبَاعَ مُوسَى فَمَنَعَهُ هَامَانُ وَكَانَ لَا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ وَتُلِيَتْ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ فَبَكَى وَقَالَ: هَذَا رِفْقُكَ بِمَنْ يَقُولُ أَنَا إِلَهٌ فَكَيْفَ بِمَنْ قَالَ أَنْتَ الْإِلَهُ وَهَذَا رِفْقُكَ بِمَنْ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فَكَيْفَ بِمَنْ قَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى.

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير قرآن كامل تفسير سورة طه آية 44