تفسير سورة النساء آية 60
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْـزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا
60 - كَانَ بَيْنَ بِشْرٍ الْمُنَافِقِ وَيَهُودِيٍّ خُصُومَةٌ، فَدَعَاهُ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَرْتَشِي، وَدَعَا الْمُنَافِقُ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ لِيَرْشُوَهُ، فَاحْتَكَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى لِلْيَهُودِيِّ، فَلَمْ يَرْضَ الْمُنَافِقُ، وَقَالَ: تَعَالَى نَتَحَاكَمْ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَضَى لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرْضَ بِقَضَائِهِ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْمُنَافِقِ: أَكَذَلِكَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ عُمَرُ: مَكَانَكُمَا حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكُمَا، فَدَخَلَ عُمَرُ فَأَخَذَ سَيْفَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَضَرَبَ بِهِ عُنُقَ الْمُنَافِقِ، فَقَالَ: هَكَذَا أَقْضِي لِمَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَنَزَلَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ وَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ عُمَرَ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ الْفَارُوقُ" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْـزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَزْعُمُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ أَيْ: كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، سَمَّاهُ اللَّهُ طَاغُوتًا ؛ لِإِفْرَاطِهِ فِي الطُّغْيَانِ وَعَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَوْ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالشَّيْطَانِ، أَوْ جُعِلَ اخْتِيَارُ التَّحَاكُمِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ عَلَى التَّحَاكُمِ إِلَيْهِ تَحَاكُمًا إِلَى الشَّيْطَانِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ عَنِ الْحَقِّ ضَلالا بَعِيدًا مُسْتَمِرًّا إِلَى الْمَوْتِ.
https://www.islam.ms/ar/?p=1398