تفسير سورة المسد آية 1
سُورَةُ الْمَسَد سُورَةُ تَبَّتْ وَيُقَالُ سُورَةُ الْمَسَد مَكِّيَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَهِيَ خَمْسُ ءَايَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ 1 - تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ "اَلتَّبَابُ": اَلْهَلَاكُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: "أَشَابَّةٌ أَمْ تَابَّةٌ ؟" أَيْ: هَالِكَةٌ مِنَ الْهَرَمِ وَالْمَعْنَى: هَلَكَتْ يَدَاهُ لِأَنَّهُ - فِيمَا يُرْوَى - أَخَذَ حَجَرًا لِيَرْمِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَبَّ وَهَلَكَ كُلُّهُ أَوْ جُعِلَتْ يَدَاهُ هَالِكَتَيْنِ وَالْمُرَادُ: هَلَاكُ جُمْلَتِهِ كَقَوْلِهِ: بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَمَعْنَى "وَتَبَّ": وَكَانَ ذَلِكَ وَحَصَلَ كَقَوْلِهِ: جَزَانِي جَزَاهُ اللَّهُ شَرَّ جَزَائِهِ . . . جَزَاءَ الْكِلَابِ الْعَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَلْ وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "وَقَدْ تَبَّ" رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ رَقَى الصَّفَا وَقَالَ: "يَا صَبَاحَاهُ" فَاسْتُجْمِعَ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يَا بَنِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ يَا بَنِي فِهْرٍ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ خَيْلًا أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ ؟" قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ" فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ : تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا دَعَوْتَنَا ؟! فَنَزَلَتْ وَإِنَّمَا كَنَّاهُ - وَالتَّكْنِيَةُ تَكْرِمَةٌ - لِاشْتِهَارِهِ بِهَا دُونَ الِاسْمِ أَوْ لِكَرَاهَةِ اسْمِهِ فَاسْمُهُ " عَبْدُ الْعُزَّى " أَوْ لِأَنَّ مَآلَهُ إِلَى نَارٍ ذَاتِ لَهَبٍ فَوَافَقَتْ حَالُهُ كُنْيَتَهُ "أَبِي لَهْبٍ" "مَكِّيٌّ" .
وَأَبُو لَهَبٍ هُوَ عَبْدُ العُزَّى بنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَامْرَأَتُهُ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلٍ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ كَانَ لَهَبُ بنُ أَبِي لَهَبٍ يَسُبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبَكَ» فَخَرَجَ فِي قَافِلَةٍ يُرِيدُ الشَّامَ فَنَزَلَ مَنْزِلا فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ دَعْوَةَ مُحَمَّدٍ، قَالُوا لَهُ: كَلا، فَحَطُّوا أَمْتَاعَهُمْ حَوْلَهُ وَقَعَدُوا يَحْرُسُونَهُ، فَجَاءَ سَبُعٌ فَانْتَزَعَهُ فَذَهَبَ بِهِ. قَالَ الْحَافِظُ: «وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْءَانِ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ لِكَوْنِهِ بِهَا أَشْهَرُ وَلأَنَّ فِي اسْمِهِ إِضَافَةً إِلَى صَنَمٍ»، ثُمَّ قَالَ: «مَاتَ أَبُو لَهَبٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا بَلْ أَرْسَلَ عَنْهُ بَدِيلا فَلَمَّا بَلَغَهُ مَا جَرَى لِقُرَيْشٍ مَاتَ غَمًّا» اهـ.
https://www.islam.ms/ar/?p=6949