تفسير سورة المجادلة آية 3

وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 3 - وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ بَيَّنَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَائِلِهِ مُنْكَرٌ وَزُورٌ وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ حُكْمَ الظِّهَارِ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا "اَلْعَوْدُ": اَلصَّيْرُورَةُ ابْتِدَاءً أَوْ بِنَاءً فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ (تَعَالَى): حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ وَمِنَ الثَّانِي: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَيُعَدَّى بِنَفْسِهِ كَقَوْلِكَ: "عُدْتُهُ" إِذَا أَتَيْتَهُ وَصِرْتَ إِلَيْهِ وَبِحَرْفِ الْجَرِّ بِـ "إِلَى" وَ"عَلَى" وَ"فِي" وَاللَّامِ كَقَوْلِهِ:وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَمِنْهُ: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا أَيْ: يَعُودُونَ لِنَقْضٍ مَا قَالُوا أَوْ لِتَدَارُكِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَعَنْ ثَعْلَبَةَ : "يَعُودُونَ لِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمُوا" عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِـ "مَا قَالُوا": مَا حَرَّمُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِلَفْظِ الظِّهَارِ تَنْزِيلًا لِلْقَوْلِ مَنْزِلَةَ الْمَقُولِ فِيهِ كَقَوْلِهِ: وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ أَرَادَ الْمَقُولَ فِيهِ وَهُوَ الْمَالُ وَالْوَلَدُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا أَنَّ النَّقْضَ بِمَاذَا يَحْصُلُ فَعِنْدَنَا: بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ : بِمُجَرَّدِ الْإِمْسَاكِ وَهُوَ أَلَّا يُطَلِّقَهَا عُقَيْبَ الظِّهَارِ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَعَلَيْهِ إِعْتَاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ وَلَمْ يَجُزِ الْمُدَبِّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي أَدَّى شَيْئًا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا اَلضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ مِنَ الْمُظَاهِرِ وَالْمَظَاهَرِ مِنْهَا وَ"اَلْمُمَاسَّةُ": اَلِاسْتِمْتَاعُ بِهَا مِنْ جِمَاعٍ أَوْ لَمْسٍ بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرٍ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ ذَلِكُمْ اَلْحُكْمُ تُوعَظُونَ بِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْكَفَّارَةِ دَلِيلٌ عَلَى ارْتِكَابِ الْجِنَايَةِ فَيَجِبُ أَنْ تَتَّعِظُوا بِهَذَا الْحُكْمِ حَتَّى لَا تَعُودُوا إِلَى الظِّهَارِ وَتَخَافُوا عِقَابَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ وَالظِّهَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: "أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي" وَإِذَا وَضَعَ مَوْضِعَ "أَنْتِ" عُضْوًا مِنْهَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ أَوْ مَكَانَ الظَّهْرِ عُضْوًا آخَرَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْأُمِّ كَالْبَطْنِ وَالْفَخْذِ أَوْ مَكَانَ "اَلْأُمِّ" ذَاتَ رَحِمٍ مُحَرَّمٍ مِنْهُ بِنَسَبٍ أَوْ رِضَاعٍ أَوْ صَهْرٍ أَوْ جِمَاعٍ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: "أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي مِنَ الرِّضَاعِ" أَوْ "عَمَّتِي مِنَ النَّسَبِ" أَوْ "اِمْرَأَةِ ابْنِي" أَوْ "أَمِّ امْرَأَتِي" أَوْ "اِبْنَتِهَا" فَهُوَ مُظَاهِرٌ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُظَاهِرُ مِنَ الْكَفَّارَةِ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُرَافِعَهُ وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى أَنْ يُكَفِّرَ وَأَنْ يَحْبِسَهُ وَلَا شَيْءَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيُحْبَسُ إِلَّا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِهَا فِي تَرْكِ التَّكْفِيرِ وَالِامْتِنَاعِ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ فَإِنْ مَسَّ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَلَا يَعُودُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ ثُمَّ مَسَّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ .

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير قرآن كامل تفسير سورة المجادلة آية 3