تفسير سورة القصص آية 78
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ
78 - قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ أَيِ الْمَالَ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَيْ : عَلَى اسْتِحْقَاقٍ لِمَا فِيَّ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي فَضَلْتُ بِهِ النَّاسَ وَهُوَ عِلْمُ التَّوْرَاةِ أَوْ عِلْمُ الْكِيمْيَاءِ وَكَانَ يَأْخُذُ الرَّصَاصَ وَالنُّحَاسَ فَيَجْعَلُهُمَا ذَهَبًا أَوِ الْعِلْمُ بِوُجُوهِ الْمَكَاسِبِ مِنَ التِّجَارَةِ وَالزِّرَاعَةِ ، وَ"عِنْدِي" صِفَةٌ لِعِلْمٍ ، قَالَ سَهْلٌ [التُستري من كبار الصوفية] مَا نَظَرَ أَحَدٌ إِلَى نَفْسِهِ فَأَفْلَحَ وَالسَّعِيدُ مَنْ صُرِفَ بَصَرُهُ عَنْ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَفُتِحَ لَهُ سَبِيلُ رُؤْيَةِ مِنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالشَّقِيُّ مَنْ زُيِّنَ فِي عَيْنِهِ أَفْعَالَهُ وَأَقْوَالَهُ وَأَحْوَالَهُ فَافْتَخَرَ بِهَا وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ فَشُؤْمُهُ يُهْلِكُهُ يَوْمًا كَمَا خُسِفَ بِقَارُونَ لَمَّا ادَّعَى لِنَفْسِهِ فَضْلًا أَوَلَمْ يَعْلَمْ قَارُونُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً هُوَ إِثْبَاتٌ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنَ الْقُرُونِ قَبْلَهُ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَأَغْنَى لِأَنَّهُ قَدْ قَرَأَهُ فِي التَّوْرَاةِ كَأَنَّهُ قِيلَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي جُمْلَةِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ هَذَا حَتَّى لَا يَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ مَالِهِ وَقُوَّتِهِ أَوْ نَفْيٌ لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أُوتِيَتْهُ عَلَى عِلْمِ عِنْدِي قِيلَ : أَعِنْدَهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْعِلْمِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَرَأَى نَفْسَهُ بِهِ مُسْتَوْجِبَةً لِكُلِّ نِعْمَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ هَذَا الْعِلْمَ النَّافِعَ حَتَّى يَقِيَ بِهِ نَفْسَهُ مَصَارِعَ الْهَالِكِينَ وَأَكْثَرُ جَمْعًا لِلْمَالِ أَوْ أَكْثَرُ جَمَاعَةً وَعَدَدًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ لِعِلْمِهِ تَعَالَى بِهِمْ بَلْ يَدْخُلُونَ النَّارَ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَوْ يَعْتَرِفُونَ بِهَا بِغَيْرِ سُؤَالٍ أَوْ يُعْرَفُونَ بِسِيمَاهُمْ فَلَا يُسْأَلُونَ أَوْ لَا يُسْأَلُونَ لِتَعَلُّمٍ مِنْ جِهَتِهِمْ بَلْ يُسْأَلُونَ سُؤَالَ تَوْبِيخٍ أَوْ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِ الْمَاضِينَ الْمُجْرِمُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ
https://www.islam.ms/ar/?p=4150