تفسير سورة القصص آية 28
قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
28 - قَالَ مُوسَى ذَلِكَ مُبْتَدَأُ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا عَاهَدَهُ عَلَيْهِ شُعَيْبٌ وَالْخَبَرُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَعْنِي : ذَلِكَ الَّذِي قُلْتَهُ وَعَاهَدْتَنِي فِيهِ وَشَارَطْتَنِي عَلَيْهِ قَائِمٌ بَيْنَنَا جَمِيعًا لَا يَخْرُجُ كِلَانَا عَنْهُ لَا أَنَا فِيمَا شَرَطْتُ عَلَيَّ وَلَا أَنْتَ فِيمَا شَرَطْتَ عَلَى نَفْسِكَ ثُمَّ قَالَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ أَيْ : أَيَّ أَجْلٍ قَضَيْتُ مِنَ الْأَجَلَيْنِ يَعْنِي : الْعَشْرَةَ أَوِ الثَّمَانِيَةَ وَأَيَّ : نُصِبَ بِقَضَيْتُ وَمَا زَائِدَةٌ وَمُؤَكِّدَةٌ لِإِبْهَامِ أَيٍّ : وَهِيَ شَرْطِيَّةٌ وَجَوَابُهَا فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ أَيْ : لَا يُعْتَدَى عَلَيَّ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ قَالَ الْمُبَرِّدُ : قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا عُدْوَانَ عَلَيْهِ فِي أَيِّهِمَا وَلَكِنْ جَمَعَهُمَا لِيَجْعَلَ الْأَقَلَّ كَالْأَتَمِّ فِي الْوَفَاءِ وَكَمَا أَنَّ طَلَبَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَتَمِّ عُدْوَانٌ فَكَذَا طَلَبُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَقَلِّ ، وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ هُوَ مِنْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْأَمْرَ وَعُدِّيَ بِعَلَى لِأَنَّهُ اسْتُعْمِلَ فِي مَوْضِعِ الشَّاهِدِ وَالرَّقِيبِ
رُوِيَ : أَنَّ شُعَيْبًا كَانَتْ عِنْدَهُ عِصِيُّ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَقَالَ لِمُوسَى بِاللَّيْلِ ادْخُلْ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَخُذْ عَصًا مِنْ تِلْكَ الْعِصِيِّ فَأَخَذَ عَصًا هَبَطَ بِهَا آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَزَلِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَتَوَارَثُونَهَا حَتَّى وَقَعَتْ إِلَى شُعَيْبٍ فَمَسَّهَا وَكَانَ مَكْفُوفًا فَضَنَّ بِهَا فَقَالَ خُذْ غَيْرَهَا فَمَا وَقَعَ فِي يَدِهِ إِلَّا هِيَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ شَأْنًا وَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ شُعَيْبٌ إِذَا بَلَغْتَ مَفْرِقَ الطَّرِيقِ فَلَا تَأْخُذْ عَلَى يَمِينِكَ فَإِنَّ الْكَلَأَ وَإِنْ كَانَ بِهَا أَكْثَرَ إِلَّا أَنَّ فِيهَا تِنِّينًا أَخْشَاهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْغَنَمِ فَأَخَذَتِ الْغَنَمُ ذَاتَ الْيَمِينِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَفِّهَا فَمَشَى عَلَى أَثَرِهَا فَإِذَا عُشْبٌ وَرِيفٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ فَنَامَ فَإِذَا التِّنِّينُ قَدْ أَقْبَلَ فَحَارَبَتْهُ الْعَصَا حَتَّى قَتَلَتْهُ وَعَادَتْ إِلَى جَنْبِ مُوسَى دَامِيَةً فَلَمَّا أَبْصَرَهَا دَامِيَةً وَالتِّنِّينَ مَقْتُولًا ارْتَاحَ لِذَلِكَ وَلَمَّا رَجَعَ إِلَى شُعَيْبٍ مَسَّ الْغَنَمَ فَوَجَدَهَا مَلْأَى الْبُطُونِ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ فَأَخْبَرَهُ مُوسَى فَفَرِحَ وَعَلِمَ أَنَّ لِمُوسَى وَالْعَصَا شَأْنًا وَقَالَ لَهُ إِنِّي وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نِتَاجِ غَنَمِي هَذَا الْعَامُ كُلَّ أَدْرَعَ وَدَرْعَاءَ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ فِي الْمَنَامِ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ مُسْتَقَى الْغَنَمِ فَفَعَلَ ثُمَّ سَقَى فَوَضَعَتْ كُلُّهُنَّ أَدْرَعَ وَدَرْعَاءَ فَوَفَى لَهُ بِشَرْطِهِ [الأدرع ما اسود رأسه ابيضّ سائره]
https://www.islam.ms/ar/?p=4100