تفسير سورة الطلاق آية 1
سُورَةُ "اَلطَّلَاقِ" مدنية وهي اثنتان عشرة آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا 1 - يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ خَصَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّدَاءِ وَعَمَّ بِالْخِطَابِ لِأَنَّ النَّبِيَّ إِمَامُ أُمَّتِهِ وَقُدْوَتُهُمْ كَمَا يُقَالُ لِرَئِيسِ الْقَوْمِ: "يَا فُلَانُ افْعَلُوا كَذَا" إِظْهَارًا لِتَقَدُّمِهِ وَاعْتِبَارًا لِتَرَؤُّسِهِ وَأَنَّهُ قُدْوَةُ قَوْمِهِ فَكَانَ هُوَ وَحْدَهُ فِي حُكْمِ كُلِّهِمْ وَسَادًّا مَسَدَّ جَمِيعِهِمْ وَقِيلَ: اَلتَّقْدِيرُ: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ وَالْمُؤْمِنُونَ" وَمَعْنَى "إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ": إِذَا أَرَدْتُمْ تَطْلِيقَهُنَّ وَهَمَمْتُمْ بِهِ عَلَى تَنْزِيلِ الْمُقْبِلِ عَلَى الْأَمْرِ الْمُشَارِفِ لَهُ مَنْزِلَةَ الشَّارِعِ فِيهِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" وَمِنْهُ كَانَ الْمَاشِي إِلَى الصَّلَاةِ وَالْمُنْتَظِرُ لَهَا فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ فَطَلِّقُوهُنَّ مُسْتَقْبِلَاتٍ لِعِدَّتِهِنَّ وَإِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ فِي الطُّهْرِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْقُرْءِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْرَائِهَا فَقَدْ طُلِّقَتْ مُسْتَقْبِلَةً لِعِدَّتِهَا وَالْمُرَادُ أَنْ تُطَلَّقَ الْمَدْخُولُ بِهِنَّ مِنَ الْمُعْتَدَّاتِ بِالْحَيْضِ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامَعْنَ فِيهِ ثُمَّ يُخَلَّيْنَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ وَهَذَا أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاضْبِطُوهَا بِالْحِفْظِ وَأَكْمِلُوهَا ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ مُسْتَقْبَلَاتٍ كَوَامِلَ لَا نُقْصَانَ فِيهِنَّ وَخُوطِبَ الْأَزْوَاجُ لِغَفْلَةِ النِّسَاءِ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ مِنْ مَسَاكِنِهِنَّ الَّتِي يَسْكُنَّهَا قَبْلَ الْعِدَّةِ وَهِيَ بُيُوتُ الْأَزْوَاجِ وَأُضِيفَتْ إِلَيْهِنَّ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِنَّ مِنْ حَيْثُ الْمَسْكَنُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّكْنَى وَاجِبَةٌ وَأَنَّ الْحِنْثَ بِدُخُولِ دَارٍ يَسْكُنُهَا فُلَانٌ - بِغَيْرِ مِلْكٍ ثَابِتٍ - فِيمَا إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَهُ وَمَعْنَى الْإِخْرَاجِ أَلَّا يُخْرِجَهُنَّ الْبُعُولَةُ غَضَبًا عَلَيْهِنَّ وَكَرَاهَةً لِمُسَاكَنَتِهِنَّ أَوْ لِحَاجَةٍ لَهُمْ إِلَى الْمَسَاكِنِ وَأَلَّا يَأْذَنُوا لَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ إِذَا طَلَبْنَ ذَلِكَ إِيذَانًا بِأَنَّ إِذْنَهُمْ لَا أَثَرَ لَهُ فِي رَفْعِ الْحَظْرِ وَلا يَخْرُجْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ إِنْ أَرَدْنَ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قِيلَ: هِيَ الزِّنَا أَيْ: إِلَّا أَنْ يَزْنِينَ فَيَخْرُجْنَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِنَّ وَقِيلَ: خُرُوجُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَاحِشَةٌ فِي نَفْسِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ أَيْ: اَلْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا بِأَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَهُ مِنْ بُغْضِهِ إِلَى مَحَبَّتِهَا وَمِنَ الرَّغْبَةِ عَنْهَا إِلَى الرَّغْبَةِ فِيهَا وَمِنْ عَزِيمَةِ الطَّلَاقِ إِلَى النَّدَمِ عَلَيْهِ فَيُرَاجِعَهَا وَالْمَعْنَى: " فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَلَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ لَعَلَّكُمْ تَنْدَمُونَ فَتُرَاجِعُونَ" .
https://www.islam.ms/ar/?p=5991