تفسير سورة الصافات آية 85
إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ
85 - إِذْ بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ
قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} [سورة الشعراء 69 - 71] فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يسأل قومه ما سألهم ليجيبوا أنهم كفار يعبدون الأصنام إنما سألهم عن ماهيّة معبوداتهم ليُظهر فساد عبادتهم ليظهر فساد عبادتهم لها أي أنه سألهم أليس ما تعبدونه حجارة وخشبا ومعادن قد صورتموها بأيديكم ونقشتموها أنتم وأثّرتم فيها فكيف تعبدونها كما ذكره الرّازي والنسفي وأبو حيان الأندلسي وغيرهم. قال الإمام الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: (ما) اسْمُ اسْتِفْهامٍ يُسْألُ بِهِ عَنْ تَعْيِينِ الجِنْسِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿وما رَبُّ العالَمِينَ﴾ [الشعراء: 23] في هَذِهِ السُّورَةِ
قال الله تعالى إخبارًا عن سيِّدنا إبراهيم: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ} و {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا}[سورة مريم 42] ؛ وإبراهيم عليه السلام أراد بكلامه هذا أن يذمَّ قومه وأنْ يُوبِّخهم ؛ أتى سُؤاله على وجه العيب والإنكار والتَّحقير.
ففي تفسير الآية الأُولى:
قال القونويُّ في حاشيته على البيضاويِّ: "وحاصله أنَّ الاستفهام هنا للإنكار لا للاستعلام" انتهى.
وقال الإيجيُّ: "أنكر عليهم عبادة الأصنام" انتهى. [جامع البيان - الإيجي (905 هـ)]
وقال القرطبيُّ: "وعيبه على قومه ما يعبدون وإنَّما قال ذلك ملزمًا لهم الحُجَّة" انتهى.
وقال أبو حيَّان: "وما: اسْتِفْهامٌ بِمَعْنى التَّحْقِيرِ والتَّقْرِيرِ." انتهى.
وفي تفسير الآية الثَّانية:
وقال الخطيب الشربينيُّ: "استفهام توبيخ وتهجين لتلك الطَّريقة وتقبيحها" انتهى.
وقال محمَّد أمين الأُرميُّ الشَّافعيُّ: "والاستفهام للتَّقرير المُضَمَّن للتَّوبيخ" انتهى.
وقال البغويُّ: "استفهام توبيخ" انتهى.
ومثلَهم قال أبو الحسن الواحديُّ ومحيي الدِّين شيخ زاده والرَّازيُّ والقرطبيُّ وآخرون.
https://www.islam.ms/ar/?p=4677