تفسير سورة الروم آية 30

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ

30 - فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ فَقَوِّمْ وَجْهَكَ لَهُ وَعُدْ لَهُ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ عَنْهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِإِقْبَالِهِ عَلَى الدِّينِ وَاسْتِقَامَتِهِ عَلَيْهِ وَاهْتِمَامِهِ بِأَسْبَابِهِ فَإِنَّ مَنِ اهْتَمَّ بِالشَّيْءِ عَقَدَ عَلَيْهِ طَرْفَهُ وَسَدَّدَ إِلَيْهِ نَظَرَهُ وَقَوَّمَ لَهُ وَجْهَهُ حَنِيفًا حَالٌ مِنَ الْمَأْمُورِ أَوْ مِنَ الدِّينِ فِطْرَتَ اللَّهِ أَيِ الْزَمُوا فِطْرَةَ اللَّهِ وَالْفِطْرَةُ الْخِلْقَةُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ فَالْمَعْنَى : أَنَّهُ خَلَقَهُمْ قَابِلَيْنِ لِلتَّوْحِيدِ وَالْإِسْلَامِ غَيْرَ نَائِينَ عَنْهُ وَلَا مُنْكِرِينَ لَهُ لِكَوْنِهِ مُجَاوِبًا لِلْعَقْلِ مُسَاوِقًا لِلنَّظَرِ الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ تُرِكُوا لَمَا اخْتَارُوا عَلَيْهِ دِينًا آخَرَ وَمَنْ غَوَى مِنْهُمْ فَبِإِغْوَاءِ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "كُلُّ عِبَادِي خَلَقْتُ حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِمْ وَأَمَرُوهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي غَيْرِي" وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ هُمَا اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ" وَقَالَ الزَّجَّاجُ مَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَطَرَ الْخَلْقَ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ كَالذَّرِّ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ فَقَالَ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ إِلَى قَوْلِهِ قَالُوا بَلَى وَكُلُّ مَوْلُودٍ هُوَ مِنْ تِلْكَ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي شَهِدَتْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُهَا فَمَعْنَى فِطْرَتَ اللَّهِ دِينُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا أَيْ : خَلَقَ . لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ أَيْ : مَا يَنْبَغِي أَنْ تُبَدَّلَ تِلْكَ الْفِطْرَةُ أَوْ تُغَيَّرَ وَقَالَ الزَّجَّاجُ مَعْنَاهُ : لَا تَبْدِيلَ لِدِينِ اللَّهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أَيِ الْمُسْتَقِيمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ ذَلِكَ

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير قرآن كامل تفسير سورة الروم آية 30