تفسير سورة التوبة آية 47
لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
47 - لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ بِخُرُوجِهِمْ مَعَكُمْ إِلا خَبَالا إِلَّا فَسَادًا وَشَرًّا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى: مَا زَادُوكُمْ شَيْئًا إِلَّا خَبَالًا، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، كَقَوْلِكَ: مَا زَادُوكُمْ خَيْرًا إِلَّا خَبَالًا، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي هَذَا الْكَلَامِ غَيْرُ مَذْكُورٍ. وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ وَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الشَّيْءِ، فَكَانَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا لِأَنَّ الْخَبَالَ بَعْضُهُ وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ وَلَسَعَوْا بَيْنَكُمْ بِالتَّضْرِيبِ، وَالنَّمَائِمِ، وَإِفْسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ، يُقَالُ: وَضَعَ الْبَعِيرُ وَضْعًا: إِذَا أَسْرَعَ، وَأَوْضَعْتُهُ أَنَا، وَالْمَعْنَى: وَلَأَوْضَعُوا رَكَائِبَهُمْ بَيْنَكُمْ، وَالْمُرَادُ: الْإِسْرَاعُ بِالنَّمَائِمِ لِأَنَّ الرَّاكِبَ أَسْرَعُ مِنَ الْمَاشِي. وَخُطَّ فِي الْمُصْحَفِ وَلأَوْضَعُوا بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ لِأَنَّ الْفَتْحَةَ كَانَتْ تُكْتَبُ أَلِفًا قَبْلَ الْخَطِّ الْعَرَبِيِّ، وَالْخَطُّ الْعَرَبِيُّ اخْتُرِعَ قَرِيبًا مِنْ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَلِفِ أَثَرٌ فِي الطِّبَاعِ، فَكَتَبُوا صُورَةَ الْهَمْزَةِ أَلِفًا وَفَتْحَهَا أَلِفًا أُخْرَى، وَنَحْوُهُ: أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ [النَّمْلُ: 21] يَبْغُونَكُمُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي: " أَوُضِعُوا " الْفِتْنَةَ أَيْ: يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْتِنُوكُمْ بِأَنْ يُوقِعُوا الْخِلَافَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، وَيُفْسِدُوا نِيَّاتِكُمْ فِي مَغْزَاكُمْ. وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ أَيْ: نَمَّامُونَ يَسْمَعُونَ حَدِيثَكُمْ، فَيَنْقُلُونَهُ إِلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ بِالْمُنَافِقِينَ.
https://www.islam.ms/ar/?p=2122