تفسير سورة التوبة آية 1
سُورَةُ التَّوْبَةِ مدنية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لَهَا أَسْمَاءٌ: بَرَاءَةٌ، التَّوْبَةُ، الْمُقَشْقِشَةُ، الْمُبَعْثِرَةُ، الْمُشَرِّدَةُ، الْمُخْزِيَةُ، الْفَاضِحَةُ، الْمُثِيرَةُ، الْحَافِرَةُ، الْمُنَكِّلَةُ، الْمُدَمْدِمَةُ لِأَنَّ فِيهَا التَّوْبَةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ تُقَشْقِشُ مِنَ النِّفَاقِ، أَيْ: تُبْرِئُ مِنْهُ، وَتُبَعْثِرُ عَنْ أَسْرَارِ الْمُنَافِقِينَ، وَتَبْحَثُ عَنْهَا، وَتُثِيرُهَا، وَتَحْفِرُ عَنْهَا، وَتَفْضَحُهُمْ، وَتُنَكِّلُهُمْ، وَتُشَرِّدُهُمْ، وَتُخْزِيهِمْ، وَتُدَمْدِمُ عَلَيْهِمْ.
وَفِي تَرْكِ التَّسْمِيَةِ فِي ابْتِدَائِهَا أَقْوَالٌ: فَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ أَمَانٌ، وَبَرَاءَةٌ نَزَلَتْ لِرَفْعِ الْأَمَانِ. وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةٌ أَوْ آيَةٌ، قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُذْكَرُ فِيهِ كَذَا وَكَذَا، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَيْنَ نَضَعُهَا، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا تُشْبِهُ قِصَّةَ الْأَنْفَالِ لِأَنَّ فِيهَا ذِكْرَ الْعُهُودِ، وَفِي بَرَاءَةٍ نَبْذُ الْعُهُودِ، فَلِذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَتَا تُدْعَيَانِ: الْقَرِينَتَيْنِ، وَتُعَدَّانِ السَّابِعَةَ مِنَ الطِّوَالِ، وَهِيَ سَبْعٌ. وَقِيلَ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْأَنْفَالُ وَبَرَاءَةٌ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ، نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمَا سُورَتَانِ، فَتُرِكَتْ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: هُمَا سُورَتَانِ، وَتُرِكَتْ بِسْمِ اللَّهِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: هُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ.
بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
1 - بَرَاءَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هَذِهِ "بَرَاءَةٌ" مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "مِنْ" لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَلَيْسَ بِصِلَةٍ، كَمَا فِي قَوْلِكَ: بَرِئْتَ مِنَ الدِّينِ، أَيْ: هَذِهِ بَرَاءَةٌ وَاصِلَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ، كَمَا تَقُولُ: كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ، أَوْ مُبْتَدَأٌ لِتَخْصِيصِهَا بِصِفَتِهَا، وَالْخَبَرُ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ كَقَوْلِكَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فِي الدَّارِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَدْ بَرِئَا مِنَ الْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدْتُمْ بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَنَّهُ مَنْبُوذٌ إِلَيْهِمْ.
https://www.islam.ms/ar/?p=2078