تفسير سورة البقرة آية 62
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
62 - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةِ الْقُلُوبِ، وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ
وَالَّذِينَ هَادُوا تَهَوَّدُوا، يُقَالُ: هَادَ يَهُودُ وَتَهَوَّدَ: إِذَا دَخَلَ فِي الْيَهُودِيَّةِ، وَهُوَ هَائِدٌ، وَالْجَمْعُ: هُودٌ (قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْيَهُودُ مُشْتَقٌّ وَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ قَوْمِ مُوسَى {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} أَيْ رَجَعْنَا إِلَيْكَ يَا اللَّهُ. وَهَذَا لا يَنْطَبِقُ إِلَّا عَلَى الَّذِينَ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِشَرِيعَتِهِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ أَمَّا هَؤُلاءِ أَخَذُوا الِاسْمَ وَهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَرِيعَةِ مُوسَى وَذَلِكَ مُنْذُ كَفَرُوا بِعِيسَى وَأَمَّا ابْتِدَاءُ تَحْرِيفِهِمْ لِلتَّوْرَاةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ مَجِيءِ عِيسَى لَكِنْ زَادُوا فِي التَّحْرِيفِ بَعْدَ مَجِيءِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ. وقال بعضٌ إنما سُمّوا يهودًا لتهَوُّدِهم عندَ قراءةِ التّورَاةِ أي تَمايُلِهِم.) (الذينَ اتّبَعُوا مُوسَى على الإيمانِ يُقَالُ لهم اليَهودُ لأنّ مُوسَى عَبَّر عن نَفسِه وعَنهُم بقَولِه: {إنّا هُدْنَا إلَيكَ} أي رَجَعْنا إلى طَاعَتِكَ، هوَ كانَ طَائعًا لكنْ يُعبِّر عن قَومِه.)
وَالنَّصَارَى جَمْعُ: نَصْرَانٍ، كَنَدْمَانَ وَنَدَامَى، يُقَالُ: رَجُلٌ نَصْرَانٌ وَامْرَأَةٌ نَصْرَانَةٌ، وَالْيَاءُ فِي نَصْرَانِيٍّ لِلْمُبَالَغَةِ، كَالَّتِي فِي أَحْمَرِيٍّ (الشَّىءُ الذي هوَ شَدِيدُ الحُمرَةِ يُقَالُ لهُ أَحمَرُ وأَحمَرِيٌّ). سُمُّوا نَصَارَى ؛ لِأَنَّهُمْ نَصَرُوا الْمَسِيحُ. (قال بعضهم لأن الذين اتبعوه هم الذين استجابُوا له عندما قال عيسى: {مَن أنْصَارِي إلى الله} وقالَ بَعضُهُم لأنّهم مِن أَهلِ النّاصِرَة أي بَلدَةٍ بفِلَسطِين، هؤلاءِ أجَابُوا دَعْوَتَه).
وَالصَّابِئِينَ الْخَارِجِينَ مِنْ دِينٍ مَشْهُورٍ إِلَى غَيْرِهِ: مِنْ صَبَأَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الدِّينِ: وَهُمْ قَوْمٌ عَدَلُوا عَنْ دِينِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَعَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ، وَقِيلَ: هُمْ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ (وقالَ بَعضُهُم الصَّابِئَةُ طَائِفَةٌ تَعبُدُ الكَواكِبَ)
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ إِيمَانًا خَالِصًا وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثَوَابُهُمْ. عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَمَحَلُّ مَنْ آمَنَ الرَّفْعُ إِنْ جَعَلْتَهُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ وَالنَّصْبُ إِنْ جَعَلْتَهُ بَدَلًا مِنِ اسْمِ إِنَّ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَخَبَرُ إِنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْجُمْلَةُ كَمَا هِيَ، وَفِي الثَّانِي فَلَهُمْ، وَالْفَاءُ لِتَضَمُّنِ "مَنْ" مَعْنَى الشَّرْطِ.
(هَذِه الآيَةُ دَلِيلٌ على أنّ قَومَ مُوسَى وعِيسَى قَبلَ أنْ يَكفُرُوا كانَ فِيهِم أَولِيَاءَ)
https://www.islam.ms/ar/?p=944