تفسير سورة البقرة آية 192 - 193
فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
192 - فَإِنِ انْتَهَوْا عَنِ الشِّرْكِ، وَالْقِتَالِ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لِمَا سَلَفَ مِنْ طُغْيَانِهِمْ. رَحِيمٌ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِمْ، وَإِيمَانِهِمْ.
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ
193 - وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ شِرْكٌ، وَكَانَ تَامَّةٌ، وَحَتَّى بِمَعْنَى: كَيْ، أَوْ إِلَى أَنْ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ خَالِصًا لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيبٌ، أَيْ: لَا يُعْبَدُ دُونَهُ شَيْءٌ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ فَإِنِ امْتَنَعُوا عَنِ الْكُفْرِ فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ، فَإِنَّهُ لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَلَمْ يَبْقَوْا ظَالِمِينَ (لأنّهم دَخَلُوا في الإسلامِ وتَركُوا الكُفرَ)، أَوْ فَلَا تَظْلِمُوا إِلَّا الظَّالِمِينَ غَيْرَ الْمُنْتَهِينَ، سَمَّى جَزَاءَ الظَّالِمِينَ ظُلْمًا لِلْمُشَاكَلَةِ، كَقَوْلِهِ: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [الْبَقَرَةُ: 194]
(الآيةُ معنَاهَا إن انتَهَوا عن كُفرِهم وشِركِهم ودَخلُوا في الإسلامِ فَلا يُقاتَلُون. الجهادُ إذا أُطلِقَ فهو القِتال، المقصودُ الأصليُّ منه في دِين الإسلام هو إنقاذُ النّاس مِنَ الكفر لإدخَالهم في الإسلام، أليسَ قالَ عليٌّ: يا رسولَ الله أقاتِلُهم حتى يَكُونُوا مِثلَنا، فأَقرَّه رسولُ الله، هذا الحديثُ في مسلم والبيهقي وغيرِهما. الصّحَابَةُ انطَلَقُوا مِنَ المدينَةِ ووَصَلُوا إلى طَنْجَة بالمغرب الأقصَى، بالقِتَالِ وصَلُوا ليسَ بمجَرَّدِ قَولِ يا ناسُ ادخُلُوا في الإسلام، وإلى أطرَافِ الصِّين وَصَلُوا أيّامَ عُثمَانَ.
معنى الآيةِ الصّحيح فإنِ انتهَوا عن الكُفرِ فدَخَلُوا في الإسلام فَلا عُدوانَ أي لا يُقاتَلُونَ هؤلاء صارُوا مِنكُم لهم ما لكُم وعلَيهِم ما علَيكُم، "فلا عُدوانَ إلا على الظّالمينَ" أي إلا على الذينَ بَقُوا على الكُفرِ، الذينَ بقُوا على الكفرِ هؤلاء لكُم أن تُقاتِلُوهُم، أمّا الذينَ كَفُّوا عن كُفرِهم فدَخلُوا في الإسلام ليسَ لكُم أن تُقاتِلُوهُم، هذا معنى الآيةِ الذي عرَفَهُ المسلِمُونَ مِن أيّامِ الصّحابةِ إلى يَومِنا هَذا.)
https://www.islam.ms/ar/?p=1053
