تفسير سورة البقرة آية 106 - 107
مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
106 - وَلَمَّا طَعَنُوا (اليهود) فِي النَّسْخِ فَقَالُوا: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مُحَمَّدٍ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِأَمْرٍ، ثُمَّ يَنْهَاهُمْ عَنْهُ، وَيَأْمُرُهُمْ بِخِلَافِهِ، وَيَقُولُ الْيَوْمَ قَوْلًا، وَيَرْجِعُ عَنْهُ غَدًا، نَزَلَ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا تَفْسِيرُ النَّسْخِ لُغَةً: التَّبْدِيلُ، وَشَرِيعَةً: بَيَانُ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُطْلَقِ، الَّذِي تَقَرَّرَ فِي أَوْهَامِنَا اسْتِمْرَارُهُ، بِطَرِيقِ التَّرَاخِي. فَكَانَ تَبْدِيلًا فِي حَقِّنَا، بَيَانًا مَحْضًا فِي حَقِّ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَفِيهِ جَوَابٌ عَنِ الْبَدَاءِ الَّذِي يَدَّعِيهِ مُنْكِرُوهُ، أَعْنِي: الْيَهُودَ، وَمَحَلُّهُ: حُكْمٌ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ مَا يُنَافِي النَّسْخَ مِنْ تَوْقِيتٍ أَوْ تَأْيِيدٍ ثَبَتَ نَصًّا أَوْ دِلَالَةً، وَشَرْطُهُ: التَّمَكُّنُ مِنْ عَقْدِ الْقَلْبِ عِنْدَنَا دُونَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْفِعْلِ، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَّفِقًا وَمُخْتَلِفًا، وَيَجُوزُ نَسْخُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ، وَالْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ، وَالتِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ، وَنَسْخُ وَصْفٍ بِالْحُكْمِ، مِثْلُ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ، فَإِنَّهُ نَسْخٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-
وَالْإِنْسَاءُ: أَنْ يَذْهَبَ بِحِفْظِهَا عَنِ الْقُلُوبِ، أَوْ (نَنْسَأْهَا) مَكِّيٌّ وَأَبُو عَمْرٍو. أَيْ: نُؤَخِّرْهَا، مِنْ نَسَأْتُ، أَيْ: أَخَّرْتُ.
نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَيْ: نَأْتِ بِآيَةٍ خَيْرٍ مِنْهَا لِلْعِبَادِ، أَيْ: بِآيَةٍ الْعَمَلُ بِهَا أَكْثَرُ لِلثَّوَابِ. أَوْ مِثْلِهَا فِي ذَلِكَ، إِذْ لَا فَضِيلَةَ لِبَعْضِ الْآيَاتِ عَلَى الْبَعْضِ. أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَيْ: قَادِرٌ، فَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْخَيْرِ، وَعَلَى مِثْلِهِ.
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ
107 - أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَهُوَ يَمْلِكُ أُمُورَكُمْ وَيُدَبِّرُهَا، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَتَعَبَّدُكُمْ بِهِ مِنْ نَاسِخٍ أَوْ مَنْسُوخٍ.
وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ يَلِي أَمْرَكُمْ. وَلا نَصِيرٍ نَاصِرٌ يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْعَذَابِ.
https://www.islam.ms/ar/?p=983