تفسير سورة الإسراء آية 1
سُورَةُ الإسراء مَكِّيَّةٌ وَهِيَ مِائَةٌ وَعَشْرُ آيَاتٍ بَصْرِيٌّ وَإِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً كُوفِيٌّ وَشَامِيٌّ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
1 - سُبْحَانَ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنِ السُّوءِ وَهُوَ عَلَمٌ لِلتَّسْبِيحِ كَعُثْمَانَ لِلرَّجُلِ وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ مَتْرُوكٍ إِظْهَارُهُ تَقْدِيرُهُ: أُسَبِّحُ اللَّهَ سُبْحَانَ ثُمَّ نُزِّلَ سُبْحَانَ مَنْزِلَةَ الْفِعْلِ فَسَدَّ مَسَدَّهُ وَدَلَّ عَلَى التَّنْزِيهِ الْبَلِيغِ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَرَى وَأَسْرَى لُغَتَانِ لَيْلا نَصْبٌ عَلَى الظَّرْفِ وَقَيَّدَهُ بِاللَّيْلِ وَالْإِسْرَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِيَدُلَّ بِلَفْظِ التَّنْكِيرِ عَلَى تَقْلِيلِ مُدَّةِ الْإِسْرَاءِ وَأَنَّهُ أَسْرَى بِهِ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قِيلَ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ دَارِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْحَرَمُ لِإِحَاطَتِهِ بِالْمَسْجِدِ وَالْتِبَاسِهِ بِهِ ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ وَقِيلَ هُوَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْحِجْرِ عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ وَقَدْ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ" وَكَانَ الْعُرُوجُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَدْ أَخْبَرَ قُرَيْشًا عَنْ عِيرِهِمْ وَعَدَدِ جِمَالِهَا وَأَحْوَالِهَا وَأَخْبَرَهُمْ أَيْضًا بِمَا رَأَى فِي السَّمَاءِ مِنَ الْعَجَائِبِ وَأَنَّهُ لَقِيَ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَبَلَغَ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ وَسِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَكَانَ الْإِسْرَاءُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَكَانَ فِي الْيَقَظَةِ ، وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا فُقِدَ جَسَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ مِثْلُهُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ إِذْ لَا فَضِيلَةَ لِلْحَالِمِ وَلَا مَزِيَّةَ لِلنَّائِمِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى هُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ وَرَاءَهُ مَسْجِدٌ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ يُرِيدُ بَرَكَاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَبَّدُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَمَهْبِطُ الْوَحْيِ وَهُوَ مَحْفُوفٌ بِالْأَنْهَارِ الْجَارِيَةِ وَالْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ لِنُرِيَهُ أَيْ : مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آيَاتِنَا الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَصِدْقِ نُبُوَّتِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ السَّمَوَاتِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْآيَاتِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لِلْأَقْوَالِ الْبَصِيرُ بِالْأَفْعَالِ وَلَقَدْ تَصَرَّفَ الْكَلَامُ عَلَى لَفْظِ الْغَائِبِ وَالْمُتَكَلِّمِ فَقِيلَ "أَسْرَى" ثُمَّ "بَارَكْنَا" ثُمَّ "إِنَّهُ هُوَ" وَهِيَ طَرِيقَةُ الِالْتِفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ طَرِيقِ الْبَلَاغَةِ.
https://www.islam.ms/ar/?p=2862