تفسير سورة الأعراف آية 157
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْـزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
157 - الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ الَّذِي نُوحِي إِلَيْهِ كِتَابًا مُخْتَصًّا بِهِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ. النَّبِيَّ صَاحِبَ الْمُعْجِزَاتِ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ أَيْ: يَجِدُ نَعْتَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ يَخْلَعُ الْأَنْدَادَ، وَإِنْصَافِ الْعِبَادِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَشْيَاءِ الطَّيِّبَةِ، كَالشُّحُومِ وَغَيْرِهَا، أَوْ مَا طَابَ فِي الشَّرِيعَةِ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنَ الذَّبَائِحِ، وَمَا خَلَا كَسْبُهُ مِنَ السُّحْتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ مَا يُسْتَخْبَثُ، كَالدَّمِ، وَالْمَيْتَةِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَمَا أُهِّلَ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، أَوْ مَا خَبُثَ فِي الْحُكْمِ، كَالرِّبَا، وَالرِّشْوَةِ، وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمَكَاسِبِ الْخَبِيثَةِ. وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ هُوَ الثِّقْلُ الَّذِي يَأْصِرُ صَاحِبَهُ، أَيْ: يَحْبِسُهُ عَنِ الْحِرَاكِ لِثِقْلِهِ، وَالْمُرَادُ: التَّكَالِيفُ الصَّعْبَةُ، كَقَتْلِ النَّفْسِ فِي تَوْبَتِهِمْ، وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ الْخَاطِئَةِ. (آصَارَهُمْ) شَامِيٌّ عَلَى الْجَمْعِ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ هِيَ الْأَحْكَامُ الشَّاقَّةُ، نَحْوُ: بَتُّ الْقَضَاءِ بِالْقِصَاصِ عَمْدًا كَانَ، أَوْ خَطَأً مِنْ غَيْرِ شَرْعِ الدِّيَةِ، وَقَرْضِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ مِنَ الْجِلْدِ وَالثَّوْبِ، وَإِحْرَاقِ الْغَنَائِمِ، وَظُهُورِ الذُّنُوبِ عَلَى أَبْوَابِ الْبُيُوتِ، وَشُبِّهَتْ بِالْغُلِّ لِلُزُومِهَا لُزُومَ الْغُلِّ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَزَّرُوهُ وَعَظَّمُوهُ، أَوْ مَنَعُوهُ مِنَ الْعَدُوِّ حَتَّى لَا يَقْوَى عَلَيْهِ عَدُوٌّ، وَأَصْلُ الْعَزْرِ: الْمَنْعُ، وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ مَنْعٌ عَنْ مُعَاوَدَةِ الْقَبِيحِ كَالْحَدِّ، فَهُوَ الْمَنْعُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْـزِلَ مَعَهُ أَيِ: الْقُرْآنَ، وَ "مَعَ" مُتَعَلِّقٌ بِـ "اتَّبَعُوا"، أَيْ: وَاتَّبَعُوا الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ مَعَ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ، وَالْعَمَلِ بِسُنَّتِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الْفَائِزُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَالنَّاجُونَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
https://www.islam.ms/ar/?p=1954