تفسير سورة الأحزاب آية 33
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
33 - وَقَرْنَ "مَدَنِيٌّ وَعَاصِمٌ غَيْرَ هُبَيْرَةَ" وَأَصْلُهُ : "اِقْرَرْنَ" فَحُذِفَتِ الرَّاءُ تَخْفِيفًا وَأُلْقِيَتْ فَتْحَتُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا أَوْ مِنْ "قَارَّ" يَقَارُّ" إِذَا اجْتَمَعَ وَالْبَاقُونَ: "قِرْنَ" مِنْ "وَقَرَ وَقَارًا" أَوْ مِنْ "قَرَّ يَقَرُّ" حُذِفَتِ الْأُولَى مِنْ "رَا" أَيْ: "اِقْرَرْنَ قَرَارًا" مِنَ التَّكْرَارِ نُقِلَتْ كَسْرَتُهَا إِلَى الْقَافِ فِي بُيُوتِكُنَّ بِضَمِّ الْبَاءِ "بَصْرِيٌّ وَمَدَنِيٌّ وَحَفْصٌ" وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى أَيْ : اَلْقَدِيمَةِ وَ"اَلتَّبَرُّجُ": اَلتَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ أَوْ إِظْهَارُ الزِّينَةِ وَالتَّقْدِيرُ : "وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجًا مِثْلَ تَبَرُّجِ النِّسَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" وَهِيَ الزَّمَانُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ أَوْ مَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - أَوْ مِنْ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - أَوِ الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى جَاهِلِيَّةُ الْكُفْرِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى جَاهِلِيَّةُ الْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ فِي الْإِسْلَامِ وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ خَصَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ بِالْأَمْرِ ثُمَّ عَمَّ بِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ تَفْضِيلًا لَهُمَا لِأَنَّ مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِمَا جَرَّتَاهُ إِلَى مَا وَرَاءَهُمَا إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ نُصِبَ عَلَى النِّدَاءِ أَوْ عَلَى الْمَدْحِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِسَاءَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَقَالَ : "عَنْكُمْ" لِأَنَّهُ أُرِيدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مِنْ آلِهِ بِدَلَالَةِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا مِنْ نَجَاسَةِ الْآثَامِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَاهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ وَوَعَظَهُنَّ لِئَلَّا يُقَارِفَ أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَآثِمَ وَلِيَتَصَوَّنُوا عَنْهَا بِالتَّقْوَى وَاسْتَعَارَ لِلذُّنُوبِ الرِّجْسَ وَلِلتَّقْوَى الطُّهْرَ لِأَنَّ عِرْضَ الْمُقْتَرِفِ لِلْمُقَبَّحَاتِ يَتَلَوَّثُ بِهَا كَمَا يَتَلَوَّثُ بَدَنُهُ بِالْأَرْجَاسِ وَأَمَّا الْمُحْسِنَاتُ فَالْعِرْضُ مِنْهَا نَقِيٌّ كَالثَّوْبِ الطَّاهِرِ وَفِيهِ تَنْفِيرٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ عَنِ الْمَنَاهِي وَتَرْغِيبٌ لَهُمْ فِي الْأَوَامِرِ .
https://www.islam.ms/ar/?p=4380