تفسير سورة آل عمران آية 41
قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ
41 - قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي مَدَنِيٌّ، وَأَبُو عَمْرٍو آيَةً عَلَامَةً أَعْرِفُ بِهَا الْحَبَلَ لِأَتَلَقَّى النِّعْمَةَ بِالشُّكْرِ إِذَا جَاءَتْ قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ أَيْ: لَا تَقْدِرُ عَلَى تَكْلِيمِ النَّاسِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا إِلَّا إِشَارَةً بِيَدٍ، أَوْ رَأْسٍ، أَوْ عَيْنٍ، أَوْ حَاجِبٍ. وَأَصْلُهُ: التَّحَرُّكُ، يُقَالُ: ارْتَمَزَ: إِذَا تَحَرَّكَ، وَاسْتَثْنَى الرَّمْزَ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى مُؤَدَّى الْكَلَامِ، وَفُهِمَ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ سُمِّيَ كَلَامًا، أَوْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا خَصَّ تَكْلِيمَ النَّاسِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ يَحْبِسُ لِسَانَهُ عَنِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَكْلِيمِهِمْ خَاصَّةً، مَعَ إِبْقَاءِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّكَلُّمِ بِذِكْرِ اللَّهِ، وَلِذَا قَالَ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ أَيْ: فِي أَيَّامِ عَجْزِكَ عَنْ تَكْلِيمِ النَّاسِ، وَهِيَ مِنَ الْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ، وَالْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِنَّمَا حُبِسَ لِسَانَهُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ لِيُخْلِصَ الْمُدَّةَ لِذِكْرِ اللَّهِ، لَا يَشْغَلُ لِسَانَهُ بِغَيْرِهِ، كَأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الْآيَةَ مِنْ أَجْلِ الشُّكْرِ قِيلَ لَهُ: آيَتُكَ أَنْ تَحْبِسَ لِسَانَكَ إِلَّا عَنِ الشُّكْرِ، وَأَحْسَنُ الْجَوَابِ مَا كَانَ مُنْتَزَعًا مِنَ السُّؤَالِ. وَالْعَشِيُّ: مِنْ حِينِ الزَّوَالِ إِلَى الْغُرُوبِ، وَالْإِبْكَارُ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى وَقْتِ الضُّحَى.
https://www.islam.ms/ar/?p=1181