تفسير سورة آل عمران آية 20
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
20 - فَإِنْ حَاجُّوكَ فَإِنْ جَادَلُوكَ فِي أَنَّ دِينَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ. وَالْمُرَادُ بِهِمْ: وَفْدُ بَنِي نَجْرَانَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ أَيْ: أَخْلَصْتُ نَفْسِي وَجُمْلَتِي لِلَّهِ وَحْدَهُ، لَمْ أَجْعَلْ فِيهَا لِغَيْرِهِ شَرِيكًا بِأَنْ أَعْبُدَهُ، وَأَدْعُوَ إِلَهًا مَعَهُ، يَعْنِي: أَنَّ دِينِي دِينُ التَّوْحِيدِ، وَهُوَ الدِّينُ الْقَوِيمُ الَّذِي ثَبَتَتْ عِنْدَكُمْ صِحَّتُهُ، كَمَا ثَبَتَتْ عِنْدِي، وَمَا جِئْتُ بِشَيْءٍ بَدِيعٍ حَتَّى تُجَادِلُونِي فِيهِ، وَنَحْوُهُ: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا [آلُ عِمْرَانَ: 64]. فَهُوَ دَفْعٌ لِلْمُحَاجَّةِ بِأَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ الْيَقِينُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، فَمَا مَعْنَى الْمُحَاجَّةِ فِيهِ ؟! (وَجْهِيَ) مَدَنِيٌّ، وَشَامِيٌّ، وَحَفْصٌ، وَالْأَعْشَى، وَالْبَرْجَمِيُّ. وَمَنِ اتَّبَعَنِ عَطْفٌ عَلَى التَّاءِ فِي أَسْلَمْتُ، أَيْ: أَسْلَمْتُ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي. وَحَسُنَ لِلْفَاصِلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ، فَيَكُونُ مَفْعُولًا مَعَهُ، (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) فِي الْحَالَيْنِ: سَهْلٌ، وَيَعْقُوبُ، وَافَقَ أَبُو عَمْرٍو فِي الْوَصْلِ.
وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَالأُمِّيِّينَ وَالَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ. أَأَسْلَمْتُمْ بِهَمْزَتَيْنِ، كُوفِيٌّ. يَعْنِي: أَنَّهُ قَدْ أَتَاكُمْ مِنَ الْبَيِّنَاتِ مَا يَقْتَضِي حُصُولَ الْإِسْلَامِ، فَهَلْ أَسْلَمْتُمْ ؟ أَمْ أَنْتُمْ بَعْدُ عَلَى كُفْرِكُمْ ؟ وَقِيلَ: لَفْظُهُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ، أَيْ: أَسْلِمُوا، كَقَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [الْمَائِدَةُ: 91] أَيِ: انْتَهُوا. فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا فَقَدْ أَصَابُوا الرُّشْدَ، حَيْثُ خَرَجُوا مِنَ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى. وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ أَيْ: لَمْ يَضُرُّوكَ، فَإِنَّكَ رَسُولٌ مُنَبَّهٌ، مَا عَلَيْكَ إِلَّا أَنْ تُبَلِّغَ الرِّسَالَةَ، وَتُنَبِّهَ عَلَى طَرِيقِ الْهُدَى. وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ فَيُجَازِيهِمْ عَلَى إِسْلَامِهِمْ وَكُفْرِهِمْ.
https://www.islam.ms/ar/?p=1160