تفسير سورة آل عمران آية 134
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
134 - وَافْتُتِحَ بِذِكْرِ الْإِنْفَاقِ ؛ لِأَنَّهُ أَشَقُّ شَيْءٍ عَلَى النَّفْسِ، وَأَدَلُّهُ عَلَى الْإِخْلَاصِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَعْظَمَ الْأَعْمَالِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي مُجَاهَدَةِ الْعَدُوِّ، وَمُوَاسَاةِ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ: الْإِنْفَاقُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ حَالِ مَسَرَّةٍ وَمَضَرَّةٍ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْمُمْسِكِينَ الْغَيْظَ عَنِ الْإِمْضَاءِ. يُقَالُ: كَظَمَ الْقِرْبَةَ إِذَا مَلَأَهَا، وَشَدَّ فَاهَا، وَمِنْهُ كَظْمُ الْغَيْظِ: وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ مِنْهُ بِالصَّبْرِ، وَلَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرًا، وَالْغَيْظُ: تَوَقُّدُ حَرَارَةِ الْقَلْبِ مِنَ الْغَضَبِ. وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِنْفَاذِهِ مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أُمْنًا وَإِيمَانًا" ضعيف، رواه أبو داوود وأحمد وغيرهما. وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ أَيْ: إِذَا جَنَى عَلَيْهِمْ أَحَدٌ لَمْ يُؤَاخِذُوهُ. وَرُوِيَ: "يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانَتْ أُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ ؟ فَلَا يَقُومُ إِلَّا مَنْ عَفَا" ضعيف، رواه البيهقي في الشعب. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: أَنَّهُ رَوَاهُ لِلرَّشِيدِ -وَقَدْ غَضِبَ عَلَى رَجُلٍ- فَخَلَّاهُ. وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ اللَّامُ لِلْجِنْسِ، فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ مُحْسِنٍ، وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ، أَوْ لِلْعَهْدِ، فَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى هَؤُلَاءِ. عَنِ الثَّوْرِيِّ: الْإِحْسَانُ: أَنْ تُحْسِنَ إِلَى الْمُسِيءِ فَإِنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى الْمُحْسِنِ مُتَاجَرَةٌ (أي مقابلة وفيه خير كذلك كما دلّ على ذالك حديث تهادَوا).
https://www.islam.ms/ar/?p=1272