أقوال العُلماءِ: الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان
(102)- وقال مفتي ولاية بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري (1323هـ) عن الله ما نصه: " ليس بـجِرْمٍ يأخذ قدراً من الفراغ، فلا مكان له، وليس بعَرَضٍ يقوم بالجِرم، وليس في جهةٍ من الجهات، ولا يُوصف بالكِبَر ولا بالصِغَر، وكل ما قام ببالك فالله بخلاف ذلك " [الكفاية لذوي العناية (ص/ 13)] .
(103)- وقال الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار الـمصرية (1355هـ) ما نصه: " إن الله منـزهٌ عن جميع النقائص، وسمات الحدوث، ومنها الزمان والـمكان، فلا يُقارنه زمانٌ ولا يحويه مكانٌ إذ هو الخالق لهما فكيف يحتاج إليهما " [مختصر شرح عقيدة أهل الإسلام (ص/12 - 13)].
(104)- وقال أيضاً : " فَيُرَى سبحانه لا في مكانٍ ولا جهةٍ ولا باتصال شعاعٍ ولا ثبوت مسافةٍ بين الرائيين وبينه تعالى بل على الوجه الذي يليق بقدسيته وجلاله سبحانه " [الـمصدر السابق (ص/27 )].
(105)- وقال الشيخ يوسف الدَّجوي الـمصري (1365هـ) في مجلة الأزهر التي تصدرها مشيخة الأزهر بمصر في تفسير قول الله تبارك وتعالى: { سبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } [سورة الأعلى / 1] ما نصه: " والأعلى صفة الرب، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار، لا بالـمكان والجهة، لتنـزهه عن ذلك " [مجلة الأزهر (تصدرها مشيخة الأزهر بمصر)، الـمجلد التاسع، الجزء الأول - الـمحرم سنة 1357 (ص/ 16)].
(106)- وقال أيضاً : " واعلـم أن السَّلَفَ قائلون باستحالة العلو الـمكاني عليه تعالى، خلافاً لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا الـمقام، فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه " [الـمصدر السابق (ص/17)]. فلا تغتر بعد ذلك بالذين يسمون أنفسهم السلفية ليوهموا الناس أنَّهم على عقيدة السلف، والسلف بريء من عقيدة الـمشبِّهة الذين يقولون بالجلوس والاستقرار والـمكان والحركة والحد في حق الله، والعياذ بالله من الكفر .
(107)- وقال وكيل الـمشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي (1371هـ) ما نصه: " وتنـزيه الله سبحانه عن الـمكان والـمكانيات والزمان والزمانيات هو عقيدة أهل الحق رغم اغتياظ الـمجسمة الصرحاء " [مقالات الكوثري: مقال الإسراء والـمعراج (ص/ 452)] .
(108)- وقال أيضاً ما نصه: " قوله سبحانه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } [سورة الشورى / 11] نصٌّ في نفي الجهة عنه تعالى، إذ لو لـم تنف عنه الجهة لكانت له أمثال لا تحصى، تعالى الله عن ذلك " [تكملة الرد على نونية ابن القيم (ص/ 102)].
(109)- قال محدث الديار الـمغربية الشيخ عبد الله بن محمد الصديق الغماري (1413 هـ) ما نصه: " كان الله ولـم يكن شىءٌ غيره فلـم يكن زمانٌ ولا مكان ولا قُطْرٌ ولا أوانٌ، ولا عرشٌ ولا ملكٌ، ولا كوكبٌ ولا فلكٌ، ثم أوجد العالـم من غير احتياجٍ إليه، ولو شاء ما أوجده. فهذا العالـم كله بما فيه من جواهر وأعراض حادثٌ عن عدم، ليس فيه شائبة من قِدم، حسبما اقتضته قضايا العقول، وأيدته دلائل النقول، أجمع عليه الـملِّيُّون قاطبةً إلاّ شُذاذاً من الفلاسفة قالوا بقدم العالـم، وهم كفار بلا نزاع " [قصص الأنبياء: ءادم عليه السلام : (ص/ 11)].
(110)- وقال أيضاً ما نصه: " قال النيسابوري في تفسيره: أما قوله: { وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } [سورة ءال عمران / 55] فالـمشبهة تمسكوا بمثله في إثبات الـمكان لله وأنه في السّماء، لكن الدلائل القاطعة دلَّت على أنه متعالٍ عن الحيز والجهة، فوجب حمل هذا الظاهر على التأويل بأن الـمراد: إلى محلِّ كرامتي " [عقيدة أهل الإسلام (ص / 29 )].
(111)- وقال الشيخ حسين عبد الرحيم مكي الـمصري أحد مشايخ الأزهر في كتابه " توضيح العقيدة " ، وهو مقرر السنة الرابعة الإعدادية بالـمعاهد الأزهرية بمصر، ما نصه: " فنراه تعالى منـزَّهاً عن الجهة والـمقابلة وسائر التكيّفات، كما أنَّا نؤمن ونعتقد أنه تعالى ليس في جهة ولا مقابلاً وليس جسماً " [توضيح العقيدة الـمفيد في علـم التوحيد لشرح الخريدة لسيدي أحمد الدردير (2/39)، الطبعة الخامسة 1384 هـ - 1964].
(112)- وفي كتاب "العقيدة الإسلامية " الذي يدرّس في دولة الإمارات العربية ما نصه: " وأنه تعالى لا يحل في شىء ولا يحل فيه شىء، تقدس عن أن يحويه مكانٌ، كما تنـزّه عن أن يحده زمانٌ، بل كان قبل أن يخلق الزمان والـمكان وهو الآن على ما عليه كان " [العقيدة الإسلامية: التوحيد في الكتاب والسنة (1/167)].
(113)- وفيه أيضاً ما نصه: " وإن عقيدة النجاة الـمنقِذة من أوحال الشرك وضلالات الفرق الزائفة هي اعتقاد رؤيته تعالى في الآخرة للـمؤمنين بِلا كيفٍ ولا تحديدٍ ولا جهةٍ ولا انحصار " [العقيدة الإسلامية: التوحيد في الكتاب والسنة (1/151)].
(114)- وجاء في مجلة دعوة الحق تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالـمملكة الـمغربية ما نصه: " يتفق الجميع من علـماء سلف أهل السنة وخلفهم وكذا العقلانيون من الـمتكلـمين على أن ظاهر الاستواء على العرش بمعنى الجلوس على كرسي والتمكن عليه والتحيز فيه مستحيلٌ ، لأن الأدلة القطعية تُنَـزِّهُ الله تعالى عن أن يُشبهَ خلقه أو أن يحتاج إلى شىءٍ مخلوق ، سواء أكان مكاناً يحل فيه أو غيره ، وكذلك لأنه سبحانه نفى عن نفسه الـمماثلة لخلقه في أي شىء فأثبت لذاته الغِنى الـمطلق فقال تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } " [مجلة دعوة الحق: العددان 305 - 306 (ص/ 65 سنة 1415 هـ - 1994ر)].
(115)- وجاء في مجلة الأزهر وهي مجلة دينية علـمية خلقية تاريخية حكمية تصدرها مشيخة الأزهر بمصر، انتدب الأزهر الشريف بمصر لهؤلاء الـمنحرفين عن منهج أهل السنة وتصدر للرد على تلك الشرذِمة التي تسمي نفسها " الوهابية " الـمتسترين تحت اسم " السلفية " تارة ، " وجماعة أنصار السنة " تارة أخرى ، فنشر أكثر من مقال [مجلة نور الإسلام = مجلة الأزهر : (مجلد 2/ جزء4/ ص282 ربيع الثاني سنة 1350 ه) ، (ومجلد 2/ جزء 9/ ص/63 رمضان سنة 1350هـ). (مجلد 9/ جزء 1/ ص/16) الـمحرم سنة 1357هـ)] لإبطال مزاعمهم تحت عنوان " تنـزيه الله عن الـمكان والجهة ".
ومما جاء فيها : " والأعلى" صفة الرب، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار لا بالـمكان والجهة، لتنـزهه عن ذلك ".
وهذا الـمقال صدر عن مشيخة الأزهر منذ أكثر من ستين سنة مما يدل على حِرصه في التصدي والرد على شبهات الزائغين الـمنحرفين ولا سيما عند الخوف من تَزَلْزُلِ العقيدة حِفظاً من التشبيه، فمن عابنا على عقيدة تنـزيه الله عن الجهة والـمكان والجسمية فهو عائب على الأزهر وعلى علـماء الأمة.
(116)- وقاله الشيخ العلامة الفقيه الـمحدّث الشيخ عبد الله الهرري الـمعروف بالحبشي ما نصه: " وإثبات الـمكان لله يقتضي الجهة التي نفاها علـماء الإسلام عن الله تعالى سلفهم وخلفهم كما قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه الـمسمى " العقيدة الطحاوية " والذي ذكر فيه أنه بيان عقيدة أهل السُنَّة والجماعة : " لا تحويه الجهاتُ الست كسائرالـمبتدعات ". فتبين أنّ نفي تحيّز الله في جهة هو عقيدة السلف، لأنَّ الطحاوي من السلف وقد بيَّن أن هذا معتقد أبي حنيفة وصاحبيه الذين ماتوا في القرن الثاني خاصة ومعتقد أهل السُنَّة عامة ".
(117)- وثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه البيهقي بإسناد جيد من طريق عبد الله بن وهب قال: كنا عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله ، الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى ؟ فأطرق مالك فأخذته الرحضاء (أي كثرة العرق) ثمّ رفع رأسه فقال : الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك إلاّ صاحب بدعة، أخرجوه. فقول مالك : وكيف عنه مرفوع أي ليس استواؤه على عرشه كيفاً أي هيئةً كاستواء الـمخلوقين من جلوس ونحوه.
(118)- وروى البيهقي من طريق يـحيى بن يـحيى أحد تلاميذ مالك رواية أخرى وهي قوله : " الاِسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُـول (أَيْ مَعْلُومٌ وُرودهُ فِي القُرْءَانِ)، وَالكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُول (أَيْ الكَيفُ مَرفُوع يعنى مستحيلٌ عليه، أي أنّ الاستواء بمعنى الكيف أي الهيئة كالجلوس لا يعقل أي لا يقبله العقل لكونه من صفات الخلق لأنّ الجلوس لا يصحّ إلاّ من ذي أعضاء أي ألية وركبة وتعالى الله عن ذلك) والسُؤالُ عَنهُ بِدعةٌ [أي لا يقال كيف في حق الله وصفاته]، ومَا أَرَاكَ إِلاَّ مُبتَدِعًا. وَأمَرَ بِهِ أَنْ يُخرَجَ.
وأمّا رواية "والكيف مجهول" فهي غير صحيحة لـم تصح عن أحد من السلف ولـم تثبت عن مالك ولا غيره من الأئمة، فالإمام مالك لـم يَقُل "والكَيفُ مَجهُول ".
(119)- وثبت عن مالك التأويل في حديث النـزول أنّه قال : "نـزول رحمة لا نـزول نُقلة"، وروي عنه كذلك في تأويل هذا الحديث: « ينـزل ربّنا كلّ ليلة إلى السماء الدنيا فيقول هل من داعٍ فأستجيب له » أي حديث النـزول، أنّه على سبيل الاستعارة ومعناه الإقبال على الداعي بالإجابة واللطف الرحمة، ليس على معنى الانتقال من مكان إلى ءاخر.
(120)- وثبت أنّ مالكاً أوّل الأحاديث الـمتشابـهة التي يوهم ظاهرها التجسيم والحركة والانتقال والسكون، ففي تأويل مالك لـهذه الأحاديث نقل البيهقي بإسناده عن الأوزاعي ومالك وسفيان والليث بن سعد أنّهم سئلوا عن هذه الأحاديث فقالوا: " أمرُّوها كما جاءت بلا كيفية " ذكره في كتابه الأسماء والصفات .
الحمد لله رب العالمين
https://www.islam.ms/ar/?p=46