ما هي البروج ؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وءاله وصحبه وسلم وبعد،
أخبرنا اللهُ سبحانهُ وتعالَى بأنه خَلَقَ فِي السَّماءِ بُرُوجًا أي نجومًا، وأنّه زَيَّنَ السَّماءَ لِلنَّاظِرِينَ بهذه النّجُوم، وهيَ اثنا عَشَرَ بُرجًا كلُّ بُرجٍ عِبارَةٌ عن مجموعةٍ مِنَ النُّجُومِ.
فالبروجُ هيَ مِن جُملَةِ النّجُوم ، هيَ نجُومٌ مَخصُوصَة متَفرّقة لكنْ بتَناسُقٍ، لها أشكالٌ مَخصُوصَةٌ. يُستَفادُ منها عِلم المواقِيت، يُعرَف بها سَاعاتُ اللّيل كَم مضَى. هَذا عِلمٌ يُدرَس. لكنّ أكثَرَ النّاسِ اليَوم تَركوه. بها يَحسُب النّاسُ أُمُورَ تَرتِيبِ أَوقَاتِ الزِّراعَةِ ونَحوَ ذَلكَ. العرَبُ الأُوَلُ كَانُوا يَنظُرُونَ إلى اثنَي عشَرَ بُرجًا في السّمَاء، إلى النّجُوم، لما تَكُونُ الشَّمسُ في هَذا البُرْج يُنَاسِبُ أن يُعمَلَ كَذا، ولما تكونُ في هذا البُرْج يُنَاسِبُ أنْ يُعمَلَ كذَا. ويُستَفادُ مِن معرفةِ البُروج في السَّماء معرفةُ القِبلَة وأوقاتِ اللّيل ومعرفةُ الطَّريق في الأسفَار والجهاتِ والفُصُول ونحوِ ذلكَ وهوَ مِن فرُوض الكِفَايةِ.
أمّا مَا يَفعَلُه أهلُ التّنجِيم فَهوَ فَاسِدٌ بَعضُهُم يَعتَمِدُونَ على النُّجُومِ يَقُولُونَ إذَا طَلَعَ هَذا النَّجْمُ في سَاعَةِ كَذا يَكُونُ كَذَا ويَقُولُونَ من بُرجُه كَذا يصيبه كذا في وقت كذا ومن بُرجُه كَذا يُصيبُه كذا في وقتِ كذا فهذا فاسِد، لا يَعلَمُ الغَيبَ إلّا الله، الله تعالى قال لنبيّه محمّد: "قل لا يَعلَمُ مَن في السّماواتِ والأرضِ الغَيبَ إلّا الله"، وهؤلاءِ ما يُصادِف الواقعَ مِن كَلامِهم قَلِيل وأكثَرُه لا يُصَادِف الواقع، ثم كيفَ يَقُولون مَن بُرجُه كذا يُصِيبُه كذا وملايينُ النّاس بُرجُهُم هذا البُرْج وأحوالُهم مُختَلِفَة وليسُوا كلُّهم على حالٍ واحِد فيهم الغَنيُّ وفيهِم الفَقِير وفيهم المريضُ وفيهم الصّحِيح إلى غيرِ ذلكَ مِن الأمور ، كيفَ يَستَمِع النّاس لهؤلاء ما يفَكِّرُون في ذلكَ. كيفَ يَحكُمُونَ علَيهِم مِن حَيثُ العُمُر ومِن حَيثُ المعِيشَةِ أنّه يَصلُحُ لهُ كَذا وكذَا مِنَ المعِيشَةِ وأعدَاؤه صِفَتُهُم كَذا وكذَا وقَد يَقُولُونَ أعدَاؤك مِن أقَارِبِكَ فيَصِيرُ عِندَهُ شَكٌّ فِيهِم يَحذَرُهُم ويَظُنُّ فِيهِمُ السُّوءَ. ما أشَدَّ فسَاد هؤلاء.
فالبُروجُ هيَ مَنَازِلُ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ السَّيَّارَةِ تَمُرُّ في سَيرِها فيها، لِكُلِّ كَوْكَبٍ بَيْتَانِ يَقْوَى حَالُهُ فِيهِمَا، وَلِلشَّمْسِ بَيْتٌ وَلِلْقَمَرِ بَيْتٌ، فَالْحَمَلُ وَالْعَقْرَبُ بَيْتَا الْمَرِّيخِ، وَالثَّوْرُ وَالْمِيزَانُ بَيْتَا الزُّهْرَةِ، وَالْجَوْزَاءُ وَالسُّنْبُلَةُ بَيْتَا عُطَارِدٍ، وَالسَّرَطَانُ بَيْتُ الْقَمَرِ، وَالْأَسَد بَيْتُ الشَّمْسِ، وَالْقَوْسُ وَالْحُوتُ بَيْتَا الْمُشْتَرِي، وَالْجَدْيُ وَالدَّلْوُ بَيْتَا زُحَلٍ.
وَهَذِهِ الْبُرُوجُ مَقْسُومَةٌ عَلَى الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ فَيُصِيبُ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةَ بُرُوجٍ: فَالْحَمَلُ وَالْأَسَدُ وَالْقَوْسُ مُثَلَّثَةٌ نَارِيَّةٌ، وَالثَّوْرُ وَالسُّنْبُلَةُ وَالْجَدْيُ مُثَلَّثَةٌ أَرْضِيَّةٌ، وَالْجَوْزَاءُ وَالْمِيزَانُ وَالدَّلْوُ مُثَلَّثَةٌ هَوَائِيَّةٌ، وَالسَّرَطَانُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحُوتُ مُثَلَّثَةٌ مَائِيَّةٌ.
سُمِّيَتِ الْمَنَازِلُ بِالْبُرُوجِ الَّتِي هِيَ الْقُصُورُ الْعَالِيَةُ لِأَنَّهَا لِهَذِهِ الْكَوَاكِبِ كَالْمَنَازِلِ لِسُكَّانِهَا، وَاشْتِقَاقُ الْبُرُوجِ مِنَ التَّبَرُّجِ لِظُهُورِهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: الْبُرُوجُ هِيَ النُّجُومُ الْكِبَارُ لِظُهُورِهَا {وَجَعَلَ فِيهَا} أي فِي السَّمَاءِ (لَيْسَ المَعْنَى أَنَّ هَذِهِ البُرُوجَ مُلْتَصِقَة بِجِرْمِ السَّمَاءِ بِمَعْنَى الجِرْم المَعْهُودِ إِنَّمَا هِيَ فِي الفَرَاغِ الّذِي يَلِي السَّمَاءَ، وَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ إِنَّ الشَّمْسَ فِي السَّمَاءِ الأُولَى أَيْ ضِمْنِهَا وَالقَمَرَ فِي الرَّابِعَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ.
وقد نَظَمَ بَعْضُهُمْ:
حَمْلٌ وَثَوْرٌ ثُمَّ جَوْزا سَرَطَانْ أَسَدٌ وَسُنْبُلَةٌ وَالمِيزَانُ بَانْ
({وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} هَذَا قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، وَقَالَ الإِمَامُ يَحْيَى بنُ سَلّامٍ الْبِصْرِيُّ: {ذَاتِ الْبُرُوجِ} أَيْ ذَاتِ الْمَنَازِلِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا، وَهِيَ مَنَازِلُ الْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، يَسِيرُ الْقَمَرُ فِي كُلِّ بُرْجٍ مِنْهَا يَوْمَيْنِ وَثُلُثَ يَوْمٍ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرِونَ يَوْمًا ثُمَّ يَسْتَتِرُ لَيْلَتَيْنِ، وَتَسِيرُ الشَّمْسُ فِي كُلِّ بُرْجٍ مِنْهَا شَهْرًا وَهِيَ: الْحَمَلُ، وَالثَّوْرُ، وَالْجَوْزَاءُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالأَسَدُ، وَالسُّنْبُلَةُ، وَالْمِيزَانُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْقَوْسُ، وَالْجَدْيُ، وَالدَّلْوُ، وَالْحُوتُ. وَالْبُرُوجُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ: الْقُصُورُ، قَالَ تَعَالَى {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ})
فالحَملُ أربَعة نُجوم والسَّرطَانُ خَمسَة نجوم والميزانُ سِتّةً والأسَدُ تِسعةً والسُّنبُلَةُ أحَدَ عشَرَ نجمًا والجَوزاء اثنا عشَر والجَدْيُ ثلاثةَ عشَر والقَوسُ أربعَةَ عشَرَ والعَقربُ خمسَةَ عشَرَ والحُوتُ سَبْعَةَ عَشَرَ والثّورُ تِسْعَةَ عَشَرَ والدَّلْوُ سِتَّةً وعِشرِين.
ولا علاقة لأسماء البروج بأشكالها فالحَملُ والعَقربُ والثَّور والأسَدُ والسَّرطان والحَمْل ليسَت صُوَرًا بأشكَالِ بَهائِمَ كمَا يُصَوِّرُها بَعضُ النّاسِ. والميزانُ والقَوسُ والسُّنبُلة ليسُوا بأشكالِ الميزانِ والقَوس والسُّنبُلَة التي نَعرِفُها. وهذه البرُوجُ قَريبَةٌ مِن بَعضِها.
وَمَنَازِلُ الْقَمَرِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا وَهِيَ: الشَّرَطَانُ، وَالبُطَيْنُ، وَالثُّرَيَّا، وَالدَّبَرَانُ، وَالْهَقْعَةُ، وَالْهَنْعَةُ، وَالذِّرَاعُ، وَالنَّثْرَةُ، وَالطَّرْفُ، وَالْجَبْهَةُ، وَالزُّبْرَةُ، وَالصَّرْفَةُ، وَالْعَوَّاءُ، وَالسَّمَاكُ، وَالْغَفْرُ، وَالْزُّبَانَى، وَالإِكْلِيلُ، وَالْقَلْبُ، وَالْشَّوْلَةُ، وَالنَّعَائِمُ، وَالْبَلْدَةُ، وَسَعْدُ الذَّابِحِ، وَسَعْدُ بُلَعَ، وَسَعْدُ السُّعُودِ، وَسَعْدُ الأَخْبِيَةِ، وَالْفَرْعُ الْمُقَدَّمُ، وَالْفَرْعُ الْمُؤَخَّرُ، وَبَطْنُ الْحُوتِ.
https://www.islam.ms/ar/?p=584