حكم استعمال الكحول على الثوب والبدن وفي الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد فقد وقع السؤال من كثيرين عن حكم استعمال ما يسمى بالكحول المصنع في البدن والثوب، وهل يحكم بطهارته أو نجاسته وما يتبع ذلك من تفاصيل.
فالجواب والله أعلم أنّ الخمر هو المسكر المائع أي السّائل، فكل ما كان مسكرا مذهبا للعقل مائعا كان خمرا، مع قطع النظر عن طريقة تحصيله والوصول إليه. وأما ما يسمى بالكحول (Alcohol) فهو أسرة كبيرة واسعة، والمسكر من هذه الأنواع نوع واحد فحسب، وهو المسمى بالإيثانول (Ethanol) ومشتقاته، فما عداه ليس مسكرا، وإنما حرم شرعنا شُرب المسكر كما حرّم بيعه، وهذا بإجماع أهل العلم قاطبة فلم يختلفوا في تحريم بيعه وشرائه وشربه، ولذلك نقول: إن هـذه الـمـادة المسماة بالإيثانول هي عين الخمر، لأنّ خاصية الإسكار لا تفارقه، سواء مزج مع غيره أو لا، ولذلك يحرم بيعه وشراؤه كما يحرم شربه، سواء أكان الوصول إليه بالتقطير المعروف أو غير ذلك من الطرق الحديثة، سواء عمل من القمح أو العنب أو البطاطا أو غير ذلك، بل حتى لو كان استخراجه من تركيب كيماوي، لأن النتيجة مسكرة، والمسكر المائع خمر، أيا كانت تسميته.
فلذلك نجيب كلّ سائل عن هذا بأنك إن وجدت على سائل أو منتج أو سلعة عبارة إيثانول أو مشتقاتها وهي كالتالي: Ethyl Alcohol, Denaturized, Alcohol, Denat Alcohol فـاعـلـم بـأن هـذا هـو عـيـن الخمر. وأما إن وجدت نوعا آخر من أنواع الكحول مثل: isopropyl alcohol أو غير ذلك من الأنواع فاحكم عليه بالطّهارة لا بالنّجاسة.
ومعنى قولهم (denaturized) مغير عن طبيعته، وذلك بزيادة مواد سمية فيه لتمنع المستهلك من الـشـرب، وهـذه الـزيـادة لا تخرجه عن كونه خمرًا فلا يجوز بيعه وشراؤه.
ولذا فإننا ننصح من أراد استعمال العطور ونحو ذلك أن يتجنّب هذه الأمور التي توضع فيها في أيامنا هذه، ولو كان الأمر من باب تسمية الكحول المصنع فالحكم نفسه.
وأما بالنسبة لجواز استعمال هذه المادة (الإيثانول) في البدن ونحو ذلك، فقد اختلف الأئمة في حكم التضمخ بالنجاسات غير البول، فذهب البعض كالسّادة المالكية إلى جواز ذلك، فلا حرج عندهم في استعمال هذه العطور التي اندرج فيها شيء من هذه المواد، بل قد صحح بعض أيضا الصلاة مع وجود النجاسة إلا أنهم حكموا بكونها محرمة أو مكروهة حيث لا عذر في الصلاة مع وجود النجاسة. وقد ذهب الإمامان ربيعة الرأي وداود الظاهري والمزني صاحب الشافعي من أئمة العلم إلى القول بطهارة الخمر مع تحريم شربها وبيعها وشرائها، كما سبقت الإشارة إلى الإجماع في ذلك، فلا حرج عندهم بوضعها على الجسد أو الثوب، إلّا أنّ وضع الخمر على البدن أو الثوب في الصلاة لا يخلو من الكراهة الشديدة أو الحُرمة وإن كانت الصلاة صحيحة عندهم، ونحن لا نشجع على ذلك إنما ذكرناه لبيان الأحكام الشرعية. والله تعالى أعلم وأحكم.
https://www.islam.ms/ar/?p=571